Majmuc Fatawa
مجموع الفتاوى
Daabacaha
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة
Goobta Daabacaadda
السعودية
وَلِهَذَا اسْتَدَلَّ الْأَئِمَّةُ فِيمَا اسْتَدَلُّوا عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ بِقَوْلِهِ: ﴿أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ﴾ قَالُوا: وَالِاسْتِعَاذَةُ لَا تَصْلُحُ بِالْمَخْلُوقِ. وَكَذَلِكَ الْقَسَمُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: ﴿مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ﴾ وَفِي لَفْظٍ ﴿مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ﴾ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. ثُمَّ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: الْحَلِفُ " بِعِزَّةِ اللَّهِ " و" لَعَمْرُ اللَّهِ " وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ وَالِاسْتِغَاثَةُ بِمَعْنَى أَنْ يُطْلَبَ مِنْ الرَّسُولِ ﷺ مَا هُوَ اللَّائِقُ بِمَنْصِبِهِ لَا يُنَازِعُ فِيهَا مُسْلِمٌ وَمَنْ نَازَعَ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَهُوَ إمَّا كَافِرٌ إنْ أَنْكَرَ مَا يَكْفُرُ بِهِ وَإِمَّا مُخْطِئٌ ضَالٌّ. وَأَمَّا بِالْمَعْنَى الَّذِي نَفَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَهُوَ أَيْضًا مِمَّا يَجِبُ نَفْيُهَا وَمَنْ أَثْبَتَ لِغَيْرِ اللَّهِ مَا لَا يَكُونُ إلَّا لِلَّهِ فَهُوَ أَيْضًا كَافِرٌ إذَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الَّتِي يَكْفُرُ تَارِكُهَا. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ أَبِي يَزِيدَ البسطامي اسْتِغَاثَةُ الْمَخْلُوقِ بِالْمَخْلُوقِ كَاسْتِغَاثَةِ الْغَرِيقِ بِالْغَرِيقِ وَقَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيِّ الْمَشْهُورِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ: اسْتِغَاثَةُ الْمَخْلُوقِ بِالْمَخْلُوقِ كَاسْتِغَاثَةِ الْمَسْجُونِ بِالْمَسْجُونِ. وَفِي دُعَاءِ مُوسَى ﵇ " اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ وَإِلَيْك الْمُشْتَكَى وَأَنْتَ الْمُسْتَعَانُ وَبِك الْمُسْتَغَاثُ وَعَلَيْك التكلان وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِك " وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمَفْهُومَ مِنْهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَكَانَ مُخْتَصًّا بِاَللَّهِ: صَحَّ إطْلَاقُ نَفْيِهِ عَمَّا سِوَاهُ وَلِهَذَا لَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ جَوَّزَ مُطْلَقَ الِاسْتِغَاثَةِ بِغَيْرِ اللَّهِ وَلَا أَنْكَرَ عَلَى مَنْ نَفَى مُطْلَقَ الِاسْتِغَاثَةِ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ.
1 / 112