وأما العمل المعمول: فهو استعمال الإنسان لبدنه وجميع آلاته الظاهرة، وتصريفه لحركاته وسكونه في كل ما أوجب الله عليه من فعل أو ترك، خلافا لمن زعم من المعتزلة أن الترك ليس بشيء، وأن تارك الصلاة يستحق الذم والعقاب على غير فعل فعله.
وأما العرفان بالعقول: فهو المعرفة لله سبحانه بأدلة العقل
التي بها ولأجلها وجب التصديق والمعرفة للفروض التي أوجب الله سبحانه الإيمان بها، وهي: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وفي كل واحد من هذه الخمسة كلام يشتمل على حكاية المذاهب فيه، وذكر جملة مما يدل على صحة الصحيح منها.
[الكلام في الإيمان بالله سبحانه]
أما الإيمان بالله سبحانه: فهو ينقسم إلى الكلام في الذات، وفي
الأسماء والصفات، وفي الأفعال.
[الكلام في الذات]
أما الذات: فاعلم أن لبعض المعتزلة في ذلك مذهبا، وهو أنه لا فرق بزعمهم بين ذات الباري سبحانه، وبين [غيره من] سائر الذوات في الذاتية لأجل الإشتراك في اللفظ، وأنه سبحانه لا يفارق ما عداه من الذوات إلا بمزية خاصة له لا هي هو ولا هي غيره، ولا شيء ولا لا شيء، وأنه سبحانه لا يستحق لذاته سوى تلك المزية، وما عداها من الصفات الذاتية مقتضى عنها، ونحو ذلك مما قد تكرر ذكره في مواضع من هذا المختصر وغيره.
Bogga 57