186

Majmuc

مجموع السيد الإمام حميدان بن يحيى القاسمي عليهما السلام

وأما اعتذارهم للأئمة في التقصير عن بلوغ درجة المعتزلة في علوم الدين؛ بأنهم قنعوا بالجمل واشتغلوا بالجهاد؛ فذلك قول من لا يعرف الجمل ولا شروط الجهاد؛ لأن تلك الجمل التي زعم أنهم قنعوا بها هي منتهى ما يعقل ويجب، ولا منفذ بعدها لعقل مكلف من البشر إلا إلى الغلو والإفراط والخرص والتوهم المنهي عن تكلفه والخوض فيه.

ولأن الجهاد للنفس عن التقصير مقدم على الجهاد للغير، والجهاد بالسيف فرع على الجهاد بالعلم؛ لأن من شرط الإمام الذي يجب عليه الجهاد أن يكون سابقا، والسابق لا يوصف بأنه قانع في علوم الدين بالجمل لكون القانع بالجمل مسبوقا.

ومع ذلك فإن أكثر الأئمة - عليهم السلام - لم يكن لهم شغل إلا الجهاد بالعلم دون الجهاد بالسيف؛ لقلة الأتباع، وخذلان الأشياع.

وأما قولهم: إن المعتزلة شيوخ لكثير من الأئمة في العلم؛ فإن أرادوا بذلك الإيهام بأن الأئمة محتاجة إلى المعتزلة في علوم الدين؛ فذلك خلاف ما اقتضته أدلة الكتاب والسنة، وانعقد عليه إجماع العترة.

وإن أرادوا أن من الأئمة من قرأ في علوم المعتزلة على شيوخهم؛ فليس لهم في ذلك حجة؛ لأنه يجوز أن يقرأ في كل فن من سائر العلوم على شيوخ أهله إذا كان فيه صلاح.

وإن أرادوا أن من العترة من اعتزل؛ فلو صح ذلك لم يكن لهم فيه حجة؛ لأن الله سبحانه قد أخبر أن من العترة من هو ظالم لنفسه.

Bogga 201