144

Majmuc

مجموع السيد الإمام حميدان بن يحيى القاسمي عليهما السلام

ومما يؤيد ذلك: حكاية الحاكم -رحمه الله- عنه - عليه السلام - في كتاب تنبيه الغافلين أنه قال: (لو كسرت لي الوسادة، ثم جلست عليها لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم، وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين أهل الفرقان بفرقانهم، والله ما من آية نزلت في بر ولا بحر، ولا سماء ولا أرض، ولا سهل ولا جبل، ولا ليل ولا نهار؛ إلا وأنا أعلم متى نزلت وفي أي شيء نزلت، وما من رجل من قريش جرت عليه المواسي إلا وأنا أعلم أي آية نزلت فيه تسوقه إلى جنة أو نار).

وأما فضيلة الصبر: فلأنه - عليه السلام - ذكر في كتاب المحن أن الله سبحانه ابتلى صبره في أربعة عشر موطنا، سبعة في حياة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وسبعة بعد وفاته.

وجملة ذلك: أنه - عليه السلام - بلي من المحن بما لم يبل به أحد غيره من الصحابة، وظهر من صبره عليها ما لم يظهر من غيره مثله على ما هو دونها، وذلك منذ مبيته على فراش النبي - صلى الله عليه وآله - موطنا لنفسه على الصبر للقتل إلى ما كان من صبره في مواطن الزحف التي تزل فيها الأقدام، وتبلغ القلوب الحناجر، إلى ما كان من صبره على ما ابتلي به من وفاة رسول الله - صلى الله عليه وآله - وإجماع أكثر الصحابة في ذلك الحال على استغنام الفرصة في ظلمه، والإستئثار بالأمر دونه، وعظم الصبر على قدر عظم البلوى، وعظم البلوى على قدر عظم حال المبتلى.

Bogga 159