Majmuc
المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)
Noocyada
[فنقول وبالله التوفيق]: كل جهة كان أحد هذه الوجوه الثلاثة الأغلب عليها فإنها تكون أرض ردة بلا إشكال، وإنما بقي فيها يقول بغير تلك المقالة إلا أن الغلبة لمن يقول بها وهو الأظهر؛ فإنا نعلم أن مكة حرسها الله تعالى وطهرها قبل الهجرة كانت كلمة الكفر فيها الأظهر والأقوى، وكانت كلمة الإسلام فيها ظاهرة أيضا، إلا أن القوة والشوكة لكفار قريش لكثرتهم، فكانت الدار دار حرب بلا خلاف، وإن كان من بني هاشم وأهل البيوت العالية من قريش من يظهر دين الإسلام بلا ذمة ولا جوار، ولا محاشاة من أحد، ولكن الغالب الكفر ورسول الله ما احتاج إلى جيرة أحد من قريش في تبليغ الرسالة، وتسفيه أحلامهم، وسب أصنامهم وآبائهم حتى مات عمه أبو طالب فاحتاج إلى التقوي بجوار (مطعم بن عدي) والكل منا يعلم أنه لا يقدر على تسفيه أحلام المجبرة، وسبهم، وعيب دينهم، وكذلك المطرفية إلا بذمة أو جوار، وربما لا يعصم ذلك من شرهم فهم أقبح حالا من الكفار الأصليين؛ فإذا كانت لهم شوكة فهي تكون دار حرب بلا إشكال؛ لأن دار الحرب هي التي تكون الغلبة فيها للكفر، كما أن دار الإسلام تكون الغلبة فيها للإسلام، ودار الكفر لا تكون دار كفر بأن تجمع أنواع الكفر ولا [يقل] بذلك قائل، ودار الإسلام لا تكون دار إسلام بأن تجمع أنواع الإسلام ولا بذلك قائل؛ فإن المراد الأظهر والأكثر كما قدمنا أصله. فتأمل ذلك تجده كما قلنا بغير زيادة ولا نقصان في المعنى، لمن تأمله ونظر فيه بعين النصفة؛ وذلك لأن التحديد بما ذكرناه صحيح لا ينتقض على أصله المجمع عليه في أمر مكة حرسها الله تعالى قبل الفتح؛ فإن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه [وآله وسلم] كانت فيها ظاهرة، ويقع فيها الجدال والحجاج على أعيان الملأ، وكانت الغلبة للكفر وأهله فكانت دار حرب قبل الفتح بلا خلاف مما وجدت في هذه الصورة، وإن ظهرت فيها الشهادتان فهي دار حرب بلا خلاف وإلا انتقض الأصل وانتقاضه خروج من الدين، ولم يختلف أحد من أهل العدل الأكابر من الأئمة عليهم السلام ومن علماء الأمة من الزيدية والمعتزلة أن المجبرة كفار؛ فأما المشبهة فلا كلام أن كفرهم ثابت بلا نزاع وإنما اختلفوا في تكفير من لا يكفرهم، أو في تكفير من [لا يكفر] لا يكفرهم؛ فهذا الذي وقع فيه النزاع لا غير، وإذا كان ذلك كذلك وقد تقررت هذه الجملة.
Bogga 94