439

Majmuc

المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)

المسألة الثالثة عشر في الأعواض

قال إذا كان الله تعالى يعوض كل فقير ومؤلم، والناس الكل منهم فقراء إلا من بلغ درجة لا تنال إلا لبعض الناس، فقد أوجب العوض للأغنياء الذين هم دون ذلك في المنزلة الرفيعة، وكذلك المؤلمين لأن أكثر الناس قد ألم، فإذا كان له فيالجنة والنار عوض واحد قال تعالى: ?وأن ليس للإنسان إلا ما سعى?[النجم:39].

الجواب عن ذلك: أن مذهب العدلية متقرر على وجوب العوض لكل مؤلم ومغموم إلا أن يكون الألم والغم مستحقان، ولا فرق بين أن يعم ما يجب فيه العوض الكل، أو يختص بالبعض ويرى به إسقاط العوض لعمومه للأكثر، لا وجه له لأنه ما وجب في الأقل من ذلك وجب في الكل للإجماع في العلة الموجبة للحكم، لأن الله تعالى بريء من الظلم، فإذا ألم العبد أو غمه كان عاصيا أو مطيعا فلا بد من العوض ما لم يكن ذلك الغم والألم عقوبة فإن كان عقوبة فلا عوض والعوض في النار هو أن يسقط بما يستحق من أجزاء العذاب العقاب بقسطه يعلم وقوعها ولا يجد لذتها ويستوفي فلا يخفف عنه من المستحق بعد المسقط شيء كأن يستحق ألف جزء مثلا فسقط على ألف وقت ويستوفي في العدل الباري سبحانه ولا يجد راحة بصدق وعيده بذكر ما له وهو الثواب فلا شك أنه ليس له من الثواب إلا ما سعى.

وإنما يتحقق الحديث في هذا مع من أثبت الألم والغم من فعل الله سبحانه، فأما من أنكر ذلك فالكلام معه فيه، فإذا قد ثبت لزم العوض بدلالة العدل.

Bogga 30