Majmuc
المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)
Noocyada
فأما تسمية أهل اللغة فالرفع نبا، والمنبي نبي، وإلا تطرقت إلى من أنبأه، ولا إلى من أنبأ، فلا وجه لذكر ما يجري هذا المجرى، وما روي عن أبي ذر رحمه الله تعالى هو آحاد، والنبوة من الأصول فلا يعترض به فيها، وإن صح ما ذكرنا في معنى النبوة لا نعتبر هذا؛ لأنا قد قلنا: من أنبأه الله بغير واسطة بشر فهو نبي، وكذلك عيسى عليه السلام لأن الله تعالى أنبأه في تلك الحال بغير واسطة بشر بأنه يكون نبيا زكيا أينما كان، ومرسلا إلى البرية وأمره ببر والدته وأن لا يكون جبارا شقيا، وأنه يكون معصوما في حال حياته إلى أن يموت على العصمة لأنه قال: ?والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا?[مريم:33] وكل هذا الكلام لا سبيل إلى دفع حصوله عقب الولادة، ولا بد من كونه حقا خارجا عن الكذب، إذ لا يجوز ذلك عليه لأنه قاعدة أمره عليه السلام فهو نبأ بذلك، كما ترى لما أنباه الله تعالى بما حكى.
وأما أجر الدنيا فهو كثير في القرآن الكريم، و[كذلك] قوله تعالى: ?وكذلك نجزي المحسنين?[يوسف:22، الأنعام:84] إلى نظائره، فإن المراد بذلك ما جعل الله لأنبيائه من الذكر الجميل والثناء العظيم.
وأما ما ذكروا أيدهم الله تعالى من التعظيم من الله تعالى لنبيه ابتداء فلا شك أنه تفضل.
وأما قولهم: إنه لا يستحق به التعظيم، فهذا أمر لا يثبت؛ لأن خلق آدم عليه السلام تفضلا، وخلقه سلام الله عليه بيديه، وألقى نعمته تكريما وتشريفا، فجعل ذلك حجة على الملائكة في لزوم فرض السجود إليه، فلا بد أن يكون تعظيما، والتعظيم يستحق بفعل العبد وبفعل العظيم له ويعلم ذلك بالعقل، كما أن الملك إذا رفع رجلا وعظمه واختصه وكرمه لزم الرعية في حكم السياسة أن يجعلوا له مزية، وأن لا يساووا بينه وبين سواه، فكيف إذا كان المعظم له علام الغيوب سبحانه وتعالى، وسواء كرمه ورفعه ابتداء أم لاستحقاقه ذلك.
Bogga 350