Majmuc
المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)
Noocyada
وأما عطاء السلطان فقد أقطع رسول الله الأبيض بن جمال جبل الملح بمأرب حتى قال بعض الناس: يا رسول الله دريت ما أعطيته قال: ((وما أعطيته؟ قال: أعطيته العد الذي لا ينقطع. فرجع عن ذلك رسول الله)) وأقطع رجلا من ربيعة لسؤاله إياه ذلك الدهناء، وكانت امرأة تميمية قد لقيها في طريقه وقد أبدع بها وكل بعيرها فحملها خلفه فلما سمعت رسول الله [قالت: يارسول الله، أتدري ما أعطيته؟] مراد الخيل، ومرابع الشاء ومسارح الإبل فقال رسول الله: ((المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه)) قال الربيعي: أراني كحامل جيفة، والله لو علمت بقولك لتركتك حيث لقيتك. فضحك النبي وأطعم عمرو بن فلان طعمة معلومة من زبيب وحبوب من خيوان والقرى والقرطية بشان من حوف المحورة، فكانت عليه وعلى نسله من بعده يأخذونها إلى قريب من أيام الهادي عليه السلام بمديدة يسيرة؛ فهذه أمور يعلمها أهل العلم، وجهل الجهال بها لا يرفع أحكامها، ويسقط جوازها؛ لأن العلم هو الحاكم على الجهل ليس الجهل الحاكم على العلم؛ والفرقة الضالة الغوية، المرتدة الشقية، المسماة بالمطرفية، أرادت ما لم يرد الله تعالى تكون هي المحللة والمحرمة لا الأئمة، وأن يقف أئمة الهدى على مبلغهم من العلم، ولو كان ذلك كذلك لخرج الأئمة عن الإمامة، وما استحقوا حكم الزعامة، وقد كان الناصر عليه السلام أقر قوما من أهل اليمن على ما في أيديهم من الممالك، كأسعد بن أبي يعفر، وأحمد بن محمد الضحاك وغيرهما من الرؤساء؛ وقد بينا في أول المسألة أنه لا يجب على الإمام التحكم في أنه لا يفعل الإمام إلا ما قد سبق فعله، وقد بينا أن الأئمة عليهم السلام قد فعلوا أشياء لم يسبق إليها ذكر، ولأنها فعل، ولم ينكر عليهم أحد من أهل المعرفة، ولا ينبغي لأحد أن ينكر فأهل البيت عليهم السلام معدن العلم فما خرج من علم للآخر أضيف زيادة إلى علم الأول، وكان سعة ورحمة، ومثالهم مثال قوم لهم معدن من ياقوت أو جوهر وهم يستخرجون منه، وإنما على قدر ما يرزقهم الله تعالى من كثرة وقلة، وتفاضل في الجودة؛ فكما أن الذي يخرجه أحدهم هو غير ما يخرجه الآخر، وإنما هو جنسه فلحق به، فليس للآخر أن يقول: إن هذا غير ذلك فلا أقبله؛ فإنه يقال له: فإن كان غيره فإنه من جنسه. فتفهم ذلك تجده كما قلنا، ولولا صحة ما قلنا لما صنف أحد من الأئمة المتأخرين علما، ولكان العلم كتابا واحدا وهو الآثار التي جاء بها النبي ولا يتعداها أحد إلى غيرها، ولكان من جاء بعد رسول الله من علي فمن بعده من ولده عليهم السلام يقال لهم: [لا] نقبل منكم إلا ما كان في كتاب الله تعالى أو سنة نبيه ؛ فهذا كما ترى قول ساقط لا يلتفت إليه، ولولا الضرورة والبلوى بهذه الفرقة الملعونة، والأمة المفتونة، لما اشتغلنا بشيء من هذا، ولكنا نذكر ما يذكر الله تعالى، لئلا نلقى الله تعالى ولأحد من خلقه لائمة، ومن الله نستمد التوفيق والهداية.
Bogga 168