Majmuc
مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني
Noocyada
فإن قلت: إن حركته في المنزلتين بالسوية فهي شفع، وللشفع نهاية وغاية، لأن الحركة في موضعين تدل على التناهي، وكذلك القول في أفولها وطلوعها، أنه يدل على حدث الحركة وبدئها، لأن الحركة لا تكون إلا من المشرق إلى المغرب ومن المغرب إلى المشرق، وقد مضى من ذلك ما لا يحصى، وكان بعد حدوثه عدما، وما صح عدم جميعه بعد حدوثه فله نهاية وغاية، لأن الطلوع والأفول حادثان، وهما بعد حدوثهما منصرمان، وكل ما مضى منهما فهو عدم، وللكل نهاية تحيل القدم، وإذا صح حدث الفلك فلا يخلو من أحد ثلاثة أوجه:
إما أن يكون أحدث نفسه.
وإما أن يكون حدث ولا محدث له.
وإما أن يكون أحدثه محدث أبان صنعه من تركيبه وبنيته، وهو الله الذي صنع وافتطر، وأحكم ودبر.
فإن قال: وما أنكرت من تدبيره لنفسه؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: أنكرنا ذلك لأنه لا يخلو في حال تدبيره لنفسه من أحد وجهين:
إما أن يكون دبر نفسه وخلقها في حال الوجود.
وإما أن يكون ذلك في حال العدم، فإن كان في حال العدم فمحال تدبير العدم، لأن الفاعل لا يكون إلا موجودا في حال فعله، والعدم ليس بشيء موجود فيفعل، وإن كان خلقها في حال الوجود فهذا يستحيل، لأنها إذا كانت موجودة استحال قولك: خلقها، إذ كان وجوده سابقا لفعله، وأيضا فإن المخلوق لا يفعل إلا حركة أو سكونا وما أشبههما من الأعراض.
فإن قال: فما أنكرت من أن يكون (1) حدث ولا محدث له؟!
قيل له ولا قوة إلا بالله: أنكرنا ذلك لأن قولك: حدث يوجب أن له محدثا، ثم نقضت قولك بقولك: لا محدث له، فأقررت بالحدث ثم نفيته، لأن الحادث لا بد له من محدث، كما لا بد لكل فعل من فاعل، ولا بد لكل بناء من بان، ولكل كتاب من كاتب، ولا بد لكل صوت من مصوت، ولا بد لكل أثر من مؤثر، ومحال أن يكون أثر من غير مؤثر، وصوت من غير مصوت.
Bogga 175