180

Majmuc

مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني

ومنها: عقول الأنبياء المرسلين، وعقول الأوصياء المتسخلفين، وعقول الأئمة الطاهرين، وبعد ذلك عقول المكلفين، فأفضل العقول عقول الملائكة الأكرمين، ثم عقول الأنبياء، أكمل من عقول الأوصياء، ثم الأوصياء أكمل من الأئمة في العقول، وأفضل في الاعتقاد والقول، ثم للسابقين من الفضيلة على المقتصدين، كمثل فضل الأنبياء على الوصيين، وللأئمة المقتصدين، من الفضل ما لا يكون لفضلاء المؤمنين، وأفضل الناس كلهم فضلا، وأكملهم دينا وعقلا، محمد خاتم النبيين، صلوات الله عليه وعلى أهل بيته الطاهرين.

وسألت فقلت: هل يثاب من عمر في طاعة الله وقتا يسيرا، كثواب من عمر في الطاعة زمانا طويلا، وكيف يكون كمثله، وتكليفه أطول كمثل نوح ومحمد صلى الله عليهما؟

والجواب في ذلك: أن أعلمهما بالله أفضلهما وأخشاهما، وأعظمهما خشية لله أتقاهما، وأتقاهما لله أهداهما، وأهداهما إلى دين الله إحداهما (1)، وأحد الرجلين بأجزل الثواب أولاهما.

واعلم أن عقول حجج الله على قدر كلفتهم (2)، وعلى قدر منازلهم عند الله ومحنتهم. وأما سائر المكلفين، فقد اختلف القول فيهم من المتكلمين، فقال قوم: إن الله ساوى بين خلقه في العقول، كما ساوى بينهم في التعبد، فاستعمل بعضهم عقله، وترك بعضهم النظر وأهمله، وزهد في التمييز وعطله، فأصدأ بمخالفة الله عقله، حتى صار لكثرة اللعب كمن لا يعقل، فأما من كان مغمورا بالخبل، مطبوعا على البلاهة والجهل، وضعف التمييز في الطبيعة والجهل، فليس يكلف الله ذلك، ولا يكون أبدا في المكابرة كذلك، لأنه لم يتعمد في ذلك تجاهلا، ولم يزل عن جميع الأمور جاهلا، ولم يكن مع الناس فيهما عاقلا، ولم يزل عن وجوه التعبد غافلا.

Bogga 264