Majmu'at al-Rasa'il al-Kubra li Ibn Taymiyyah
مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية
Daabacaha
دار إحياء التراث العربي
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
والمثل هو الأصل والنظير المشبه به كما قال: (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) أى لما جعلوه نظيراً قاسوا عليه آلهتهم وقالوا إذا كان قد عبد وهو لا يعذب فكذلك آلهتنا، فضربوه مثلا لآلهتهم وجعلوا يصدون، أى يضجون ويعجبون منه احتجاجا به على الرسول، والفرق بينه وبين آلهتهم ظاهر كما بينه فى قوله تعالى: (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون) وقال فى فرعون: (وجعلناه سلفاً ومثلا الآخرين) أى مثلا يعتبر به ويقاس عليه غيره، فمن عمل بمثل عمله جوزى بجزائه ليتعظ الناس به فلا يعمل بمثل عمله وقال تعالى: ( ولقد أنزلنا اليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم) وهو ما ذكره من أحوال الأمم الماضية التى يعتبر بها ويقاس عليها أحوال الأمم المستقبلة كما قال: (لقد كان فى قصصهم عبرة لأولى الألباب) فمن كان من أهل الايمان قيس بهم وعلم أن الله يسعده فى الدنيا والآخرة ومن كان من أهل الكفر قيس بهم وعلم أن الله يشقيه فى الدنيا والآخرة كما قال فى حق هؤلاء: (أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة فى الزبر) وقد قال: (قد خلت من قبلكم سنن فسيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين) وقال فى حق المؤمنين: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) وقال: (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى فى الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين) وقال فى قصة أيوب: ( رحمة من عندنا وذكرى للعابدين - رحمة منا وذكرى لأولى الألباب) وقال: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) وقال: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى
12