فذَهبَتْ تلكَ في الناسِ، ثم أَخبرَ رِجالٌ مِن أَصحابِ النبيِّ ﷺ ونساءٌ مِن أَزواجِهِ أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قالَ: «تَوضَّؤوا مما مسَّت النارُ» (١).
٢١٤ - وعن الزُّهريِّ: أخبرني حميدُ بنُ عبدِ الرحمنِ، أنَّ أبا هريرةَ قالَ:
بينَا نحنُ جُلوسٌ عندَ رسولِ اللهِ ﷺ إذْ جاءَهُ رَجلٌ فقالَ: يا رسولَ اللهِ، هلكتُ، فقالَ له رسولُ اللهِ ﷺ: «ما لَكَ؟» قالَ: وقعْتُ على امرأَتي وأَنا صائمٌ، فقالَ: «هَل تجدُ رَقبةً؟» / قالَ: لا، قالَ: «فهَل تَستطيعُ أَن تَصومَ شهرَينِ مُتتابِعينِ؟» قالَ: لا، قالَ: «فهَل تجدُ إِطعامَ سِتينَ مِسكينًا؟» قالَ: لا. قالَ: فسكَتَ رسولُ اللهِ ﷺ.
قالَ أبو هريرةَ: فبينَا نحنُ عندَ رسولِ اللهِ ﷺ إذ أُتِيَ بعَرَقٍ فيه تمرٌ - والعَرَقُ المِكْتَلُ - فقالَ: «أينَ السائلُ آنِفًا؟ خُذْ هذا التمرَ (٢) فتصدَّقْ» فقالَ: أَعَلى أَفقرَ مِن أَهلِ بَيتي يا رسولَ اللهِ؟ فوَاللهِ ما بينَ لابَتيها - يريدُ الحَرَّتينِ - أَهلُ بيتٍ أَفقرُ مِن أَهلِ بَيتي، فضحِكَ رسولُ اللهِ ﷺ حتى بدَتْ أَنيابُهُ، ثم قالَ: «أَطعِمْه أهلَكَ».
وصارَت تلكَ الكفارةُ إلى عتقِ رَقبةٍ، أو صيامِ شَهرينِ مُتتابِعينِ، أو إِطعامِ سِتينَ مِسكينًا (٣).
(١) أخرجه بتمامه البيهقي (١/ ١٥٧)، وأبو الحسين بن بشران في «فوائده» (١٥١) من طريق الزهري به.
وبين البيهقي في روايته أن طرفه الأخير من كلام الزهري.
(٢) عليها علامة تضبيب، وفي الهامش: في الأصل (اليوم؟).
(٣) أخرجه البخاري (١٩٣٦) وأطرافه، ومسلم (١١١١) من طريق الزهري بألفاظ متقاربة. ليس فيه قول الزهري في آخره، وإنما هو عند الدارقطني في «علله» (١٠/ ٢٤٠)، والطحاوي في «معاني الآثار» (٢/ ٦١).