121

وعلى الجملة أن من أمعن النظر في مواضع التنزيل وكرر البصر في مواقع التأويل علم أنه لاهوادة بين الله تعالى وبين أحد من خلقه في انتهاك شيء من كبير حدوده ومحارمه، وأنه لاينفع مرتكبها شيء وإن كان على أفضل طاعاته وأجل مكارمه.

وكفى بما حكى الله تعالى في كتابه عن أنبيائه ورسله صلوات الله عليهم الذين هم أرفع شأنا وأعلا مكانا وحسبك ماخاطب الله تعالى به خاتم رسله وأمين وحيه من قوله جل شأنه وتعالى سلطانه: ((فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير (112) ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون)) حتى ورد في الآثار أنها شيبت به صلى الله عليه وآله وسلم، فهي قاطعة لما يختلج حاسمة لما يتردد ويعتلج، فإن الوعيد فيها مصرح على الطغيان الصادق بأدنى تجاوز لما أمروا به وعصيان وبإمساس النار على الركون _وهو: الميل اليسير_ إلى من صدر منه الظلم دع عنك الظالم نفسه، ثم عقب على دخول النار أنه ليس لهم من دون الله تعالى أولياء وأنهم لاينصرون وهو يقتضي الخلود في العذاب وانقطاع الأسباب، فهل يبقى بعد ذلك أي شك وارتياب، فنسأل الله تعالى العصمة والسلامة وحسن المرجع والمآب وهو حسبنا ونعم الوكيل.

Bogga 122