يا حبذا ما فر من أيامنا ... لو كان يمسك عندنا كمقيد!
أنفقت صفو العيش حتى إنه ... لم يبق لي إلا ثمال المورد
يا ليت ذي الأكدار أول معهد ... كانت، وذاك الصفو آخر معهد
ويحي! متى أمسي ولي نفسٌ بلا ... صعد وأنفاس بغير تصعد؟
ما كنت أحسد سيدًا في ملكه ... واليوم أحسد عبد عبد السيد!
قال: فلما سمع القوم لهجته الشجية، ورأوا ما له من سلامة الشجية. رقت أفئدتهم عليه، وصبت عواطفهم إليه. وقالوا: هل لنا من يطرق مضجعه، ويؤنسنا بالتمازج معه؟ فما عتم الرجل أن وقف بنا منتصبًا، وأنشدنا مقتضبًا:
أنا الذي ساح البلا في ساحتي ... أباح سري واستباح باحتي!
روحي كريحاني، وراحي راحت ... ريحًا، فراحت راحتي من راحتي!
فاستحلى القوم هذا التجنيس، وأحلوا الرجل محل الأنيس. ثم استطلعوه طلع أمره، وما ذاق من خله وخمره. فقال: يا كرام العرب، وكعبة الأرب. إني لقد كنت أفري وأقري وأفدي وأسدي. وما زلت ألبس وأطعم، وأجيز وأنعم. حتى ذهب ما في السفط جزافًا،
1 / 10