============================================================
التدارك، واندم وتحر على ما ضيعت من العمر، وابك بعد الدموع دمأ على تقصيرك وتخلفك عن واجب حق الله تعالين واعلم: آنك لو قمت عمر الدنيا في طاعة الله عز وجل على جفون عينيك.. ما آديت شكر ما يجب عليك واني لأقول هذذا وما أعلم - والله العظيم - أن أحدا من المؤمنين أحوج إلى هذا مني، ولا أشد تضييعا ولا اكثر تقصيرا ، واود - والله العظيم - أن لو كان عمري الذي مضى كله كفافا لا علي ولا لي، وأن يحصل لي عمل واحد يرضاه الله عز وجل ويقبله ، ولست - والله راضيأ عن نفسي ولا طرفة عين ، وأين الرضا؟! وكيف الرضا ؟!
هيهات!! هيهات!!
يا حسرتا على ما فرطث في جنب الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم : ويحك!! اعرف فاقة نفسك، وذلتها، وحقارتها، وقف بين يديه سبحانه وتعالى، وتضرع، واصدق في الالتجاء إليه؛ لعله سبحانه وتعالى يصلح قلبك، فيوفقك لمرضاته ثم اذكر موقفا يكون فيه دعوى الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين : " اللهم؛ سلم سلم4(1).
واذكر نارا وقودها الناس والحجارة.
وقد روي : آن عيسى عليه الصلاة والسلام اجتاز في بعض سياحته، فراى حجرا صغيرا ينبع منه ماء كثير، فوقف عنده، وتعجب من كثرة ذلك الماء، فسال الله عز وجل أن يكلمه ذلك الحجر ؛ ليسأله عن ذلك ، فقال الحجر : يا روح الله؛ منذ سمعت قوله تعالى: (نارا وقودها الناش والحجارة) فأنا أبكي خوفا من تلك النار ، فسأل عيسى عليه الصلاة والسلام من الله عز وجل آن يجير ذلك الحجر من النار، فأجاره الله سبحانه، فأعلمه عيسى عليه الصلاة والسلام بذلك، ثم آتى عليه بعد حين، فوجده باكيا كما كان، فقال له عيسى عليه الصلاة والسلام : ما هذا البكاء وقد أجرت من النار ؟1 فقال : يا روح الله ، ذاك بكاء الخوف، وهاذا بكاء السرور والشكر لله عز وجل: وكفى بهاذا موعظة وحسرة أن الحجارة أعقل من الإنسان .
(1) اخرجه البخاري (773).
Bogga 97