============================================================
والكتاب أشرق نوره بجعل من ححكم أولاء الأبرار، وعبارات ترشد إلى البر والهداية، لو كتبت بماء الذهب. . لكان ذلك قليلا في جانب مكانتها، وقوة أسرها للأفئدة وقد طروزت صحاثف هذا السفر بأخبار وقصص وحكايات هادفة، ولكل من هذذه الأنواع مناخه الروحي، ومشربه السلوكي ، وتكاد كل قصة أن تكون كاشفة عن حال أناس؟
إذ هي مطابقة تماما لأحوال فئة في عصرنا، كأنما قصدتهم بتلك الأحداث دون سواهم، ومن هذا التطابق يبدو التفاعل جليا ، والتأثير بينا، فيلتمع في زوع الناظر فيها الإشعاع السلوكي الذي يعنق به إلل مراقي الفلاح، ويندفع ميالا إلى التقمص بتلك الشخصية من خلال الاقتفاء النير.
وإن من يقرا هذذا الكتاب. . فسيمر بأخبار غريبة، وأقاصيص عجيبة، نسج خيوطها رجال الزموا انفسهم بأشياء عظيمة، وما وصلوا إلى مرتبة المراقبة إلا بتلك المكابدات ، وجهاد الأنفس، والصدق مع الله تعالى، والإخلاص في طاعته، والتجرد عن كل المعوقات التي تثقل الأرواح عن السبح في آفاق المعالي : ولما كان النقاد هو الحاكم البصير؛ فلا بعرف الجوهر النفيس إلا الجوهري ، وكان الواسطي واسطة العقد في المتاخرين ، وهو فارس في ميدان السلوك. . استطاع أن يسبر أحوال القوم ، وأن يقيم الأدلة الساطعة على مشكل الأحوال ، وأن ينزل كل حالة على نوع معين، ويتميز بذلك الأسلوب العلمي البين ، الذي لا يفتقر إلى مزيد إيضاح ، ولا يؤتين من إخلال، بل كل كلامه زبد مستخلصة، فلا حشو ولا تطويل، ويذكر الدليل ، ويشير إلى التعليل: ورغم أنه لم تسعفنا المصادر التاريخية بوافر ترجمته، بل كانت شحيحة مقتضبة .. إلا آنا نستطيع استجلاء مكانته العلمية من هذذا السفر المبارك، واستنكاه عبير علمه من أزاهير ارفه ولئن سبقنا القوم على خيل دهم ونحن على حمر معقرة(1). . فعزاؤنا أنا ندين الله تعالى بحبهم ، ونتقرب إلى المولى بولاتهم ، وقد صح أن : " المرء مع من أحب "(2).
إلا أن هلذه المحبة الصريحة تقتضي أن ننطلق في مهيعهم، ونتقفى سبيلهم، ونجتهد (1) عقرة : آي مجرحة، من (عقره) إذا جرحه، فهوعقير، وهم عقري : كجريح وجرحن (2) اخرجه البخاري (5416)، ومسلم (4640) .
Bogga 10