67

Majma’ al-Anhar fi Sharh Multaqa al-Abhur

مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر

Daabacaha

المطبعة العامرة ودار إحياء التراث العربي

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1328 AH

Goobta Daabacaadda

تركيا وبيروت

مَعَ بَقَاءِ مَعْنَى اللُّغَةِ فَيَكُونُ تَغْيِيرًا لَا نَقْلًا عَلَى مَا قَالُوا مِنْ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ النَّقْلِ وَالتَّغْيِيرِ أَنَّ فِي النَّقْلِ لَمْ يَبْقَ مَعْنَى الْمَوْضُوعِ لَهُ مَرْعِيًّا، وَفِي التَّغْيِيرِ يَكُونُ بَاقِيًا لَكِنْ زِيدَ عَلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ. وَفِي الْغَايَةِ الظَّاهِرُ أَنَّهَا مَنْقُولَةٌ لِوُجُودِهَا بِدُونِهِ فِي الْأُمِّيِّ وَلَوْ قَالَ فِي الْأَخْرَسِ لَكَانَ أَوْلَى إلَى هُنَا كَلَامُهُ وَقَالَ صَاحِبُ الْفَرَائِدِ نَقْلًا عَنْهُ أَيْضًا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ الْأَخْرَسَ بَدَلَ الْأُمِّيِّ كَانَ أَوْلَى فَإِنَّ لِلْأَخْرَسِ إشَارَاتٍ مَقْبُولَةً مَعْهُودَةً عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ فَلَهُ إشَارَةٌ مَعْهُودَةٌ فِي أَمْرِ الدُّعَاءِ أَيْضًا فَخَرَسُهُ لَا يَسْتَدْعِي وُجُودَ الصَّلَاةِ الشَّرْعِيِّ فِيهِ بِدُونِ الدُّعَاءِ بِخِلَافِ الْأُمِّيِّ فَإِنَّ جَهْلَهُ يَسْتَدْعِي وُجُودَهَا فِيهِ بِدُونِهِ كَمَا لَا يَخْفَى انْتَهَى أَقُولُ: هَذَا لَيْسَ بِسَدِيدٍ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الصَّلَاةِ بِدُونِ الدُّعَاءِ فِي صَلَاةِ الْأَخْرَسِ أَظْهَرُ فَذِكْرُهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأُمِّيَّ يَقْدِرُ عَلَى بَعْضِ الْأَدْعِيَةِ دُونَ الْأَخْرَسِ؛ وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ إمَامَةُ الْأَخْرَسِ إذَا اقْتَدَى بِهِ الْأُمِّيُّ؛ لِأَنَّ الْأُمِّيَّ يَقْدِرُ عَلَى إيجَادِ التَّحْرِيمَةِ دُونَ الْأَخْرَسِ، وَالصَّلَاةُ لَا تَصِحُّ بِدُونِهَا فِي الْأَصْلِ، وَقَدْ سَقَطَ فِي الْأَخْرَسِ لِلْعُذْرِ، وَلَا عُذْرَ فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ فَبَقِيَتْ تَحْرِيمَةُ الْإِمَامِ شَرْطًا فِي حَقِّهِ، وَلَمْ تُوجَدْ فَصَارَ كَمَا لَوْ انْعَدَمَ شَرْطٌ مِنْ سَائِرِ الشُّرُوطِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ صَاحِبُ الْغَايَةِ: هِيَ فَرِيضَةٌ قَائِمَةٌ ثَابِتَةٌ عُرِفَتْ فَرْضِيَّتُهَا بِالْكِتَابِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ [البقرة: ٤٣] وقَوْله تَعَالَى ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى﴾ [البقرة: ٢٣٨] فَإِنَّ الْآيَةَ الْأُولَى تَدُلُّ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا، وَالثَّانِيَةُ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا وَعَلَى كَوْنِهَا خَمْسًا؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِحِفْظِ جَمْعٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَعَطَفَ عَلَيْهَا الصَّلَاةَ الْوُسْطَى، وَأَقَلُّ جَمْعٍ يُتَصَوَّرُ مَعَهُ وُسْطَى هُوَ الثَّلَاثَةُ وَبِالسُّنَّةِ وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسَ صَلَوَاتٍ» وَهُوَ مِنْ الْمَشَاهِيرِ وَبِالْإِجْمَاعِ فَقَدْ أَجْمَعَ الْأُمَّةُ مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى يَوْمِنَا هَذَا عَلَى فَرْضِيَّتِهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرِ مُنْكِرٍ وَلَا رَدِّ رَادٍّ فَمَنْ أَنْكَرَ شَرْعِيَّتَهَا كَفَرَ بِلَا خِلَافٍ. وَقَالَ صَاحِبُ الْفَرَائِدِ: وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ قَوْله تَعَالَى ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى﴾ [البقرة: ٢٣٨] عَلَى كَوْنِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ خَمْسًا غَيْرُ ظَاهِرَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْوُسْطَى الْفُضْلَى فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْوُسْطَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَعْنَى الْفُضْلَى لَا تَكُونُ الْآيَةُ دَالَّةً عَلَى كَوْنِ الصَّلَوَاتِ الْمَأْمُورِ بِمُحَافَظَتِهَا خَمْسًا حَتَّى تَثْبُتَ بِهِ فَرْضِيَّةُ الْخَمْسِ انْتَهَى أَقُولُ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ لَا يَقْدَحُ فِي ظُهُورِ دَلَالَةِ الْكَلَامِ بِصِيغَتِهِ عَلَى مَا هُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ وَلَا مَحْذُورَ فِيمَا أَجْرَى النَّظْمَ عَلَى أَصْلِهِ وَلَا قَرِينَةَ تَصْرِفُهُ عَنْهُ، وَلَئِنْ سُلِّمَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مُتَعَارَفٌ فِي الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ بِوُجُودِ الْقَرِينَةِ لَكِنَّ الْحَقِيقَةَ الْمُسْتَعْمَلَةَ أَوْلَى مِنْ الْمَجَازِ الْمُتَعَارَفِ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعَارَ لَا يُزَاحِمُ الْأَصْلَ فَتَكُونُ الْآيَةُ قَطْعِيَّةَ الدَّلَالَةِ لَا مَحَالَةَ فَلْيُتَأَمَّلْ. [وَقْت الْفَجْر]

1 / 68