ووقف الفضيل بن عياض -رحمة الله عليه- بعرفة فنظر إلى تسبيح الناس وبكائهم عشية عرفة فقال: أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل فسألوه دانقا أكان يردهم؟ قالوا: لا. قال: والله للمغفرة عند الله أهون من إجابة رجل لهم بدانق.
وقال محمد بن الفضل بن عطية البخاري: كنا بعرفات والمسلمون في الدعاء والتضرع إلى الله تعالى: فلما وجبت الشمس دفعنا من عرفات، فقال لي كريي: يا أبا عبد الله ما ترى يصنع بهؤلاء القوم؟ قال: قلت: أرجو قال: ترجو، ترجو!! فعظم ذلك، حتى خشيت أني قد أسقطت، ثم قال: والله لو أن هؤلاء ذهبوا إلى شر خلق الله لشفعوا، فكيف أرحم الراحمين؟! لا، بل [الله] غفر لهم البتة.
قال محمد بن الفضل: جمالي أعلم مني.
وروي أن سفيان الثوري وقف بعرفة، فرأى فيها قوما من أهل الكبائر، والفجور معروفين، فخطر على قلبه: أترى أن هؤلاء يغفر لهم؟ فنام، فقيل له في المنام: يا أبا عبد الله عفونا أكثر من ذنوبهم، قد غفرنا لهم كلهم.
فهنيئا لمن وصل يا منقطعين، وسعدا لمن وفد على الله يا متخلفين، وفوزا لمن تقرب إليه يا قاعدين.
إخواني إن إخواننا وفد الله الكريم قد أناخوا ركائبهم بباب مولاهم في هذا اليوم العظيم، يطلبون فضله الجسيم، ويناجونه بما يجد كل منهم ويهيم، فمنهم المستقيل من ذنوبه، النادب على عيوبه، النادم على قبيح مكنونه، المنادي طالبا عفو محبوبه.
Bogga 176