الجليل وإخراج تلك الدرة الثمينة والجوهرة الكريمة على الوجه اللائق بها. ثم وافاني من الدكتور كتاب آخر كتبه من بوسطن في الولايات المتحدة ف ٤ شعبان سنة ١٣٥١ وإذا به يعرب عن رحلة علمية طويلة أنجزها في أواخر العام الماضي في سبيل دراسة أحوال الممالك الإسلامية في جهات البحر الموسط وما إليه وفي ذلك تركيا وتونس والجزائر والمغرب الأقصى حتى فاس وتلسمان بحيث كوّن لنفسه ما قال فكرة خاصة عن اللغة المغربية والإسلام المغربي على حد تعبيره، ثم عبر من الغرب إلى بر الأندلس لزيارة الآثار الإسلامية العجيبة، وقد تخلص من الإسهاب في وصف رحلته هذه إلى استنجاز ما وعد به من نسخة إحصاء العلوم إنني لم أجبه إلى الآن عن رسالته الأخيرة إذ أنني لا أزال في صدد البحث عن مصير النسخة العراقية لإسعافه بها إذا أمكن تقديرًا لجده وتشمير في هذا الباب. هذا ولما كان الدكتور سارتون من الأساتذة الذين يركن إلى دراستهم وأبحاثهم في القرون الوسطى من حيث نشوء العمران والعلوم فيها خاصة وبالأخص فيما يتعلق بالتآليف العربية وله في باب فضل العرب على الحضارة والثقافة العامة آراء يكاد ينفرد بها عن معظم علماء الغرب، فإننا ممن يتوسم به الكفاية للنهوض بهذه الخدمة العلمية الجليلة راجين له التوفيق في عمله المذكور.
1 / 48