الأخلاق١
إنما بثت لأتمم (مكارم الأخلاق)
أول واجب على من أراد سعادة هذه الأمة أن يسعى بتهذيب أخلاقها وعبثًا يحاول المصلحون العروج إلى الرقي والنجاح من غير هذا الطريق، وفي هذا الحديث دلالة على الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أرسلوا بمكارم الأخلاق وأن الرسول متمم ما نقص. وجامع ما تفرق، وفي هذا مع ملاحظة الحصر بإنما من تعظيم قدر الأخلاق ما لا يقدره حق قدره لسان القلم، وقد أصبحنا في زمن نسى أو تناسى فيه المسلمون أخلاقهم تلك الأخلاق التي كانت سببًا لانتشار الدين الإسلامي في أكثر بقاع الأرض بسرعة لم يعهد لها نظير في تاريخ الأديان، صدق في الأقوال وإخلاص في الأعمال وتفان في نصرة الحق (وتعاون على البر والتقوى) قامت هذه العدد المعنوية أمام المعاقل والحصون، والقلاع والأبراج، وغالبتها فغلبتها، ودكت عروش الجبابرة، وهدمت صروح القياصرة، سنة الله في من استرشد بآياته، وتمسك بما أمر به، هذا حال المسلمين في زمن قلتهم وضعفهم. وضيق ثروتهم. فكيف حالهم اليوم نبذوا أوامر الله ظهريًا. واتبعوا أهوائهم، وانكبوا على شهواتهم، وساد فيهم الجهل بالدين وأصوله فبعدوا عن الفضائل، وتحلوا بالرذائل فأخذهم الله ببعض بذنوبهم (أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) كان سلفنا يقول هذا حلال وهذا حرام، وهذه فضيلة، وتلك رذيلة. وميزانهم الشرع ومرجعهم كتاب الله وسنة رسوله فأصبح الخلف يحكمون حكمهم. والميزان الشهوات. والمرجع الأهواء. وبعد أن كان (الحق) و(العدل) و(الأنصاف) (والانتصار للدين) وهكذا سائر الفصائل حقائق لأمور معلومة بينها الشارع ومحصها حتى لم يدع سبيلًا للاختلاف في حقيقتها. أصبحت اليوم تطلق لمعان اصطلاحية (ولا مشاحة في الاصطلاح) فالتهور شجاعة أدبية. والجبن أناة. والوقاحة حرية ضمير. والبعد عن آداب الدين تمدن والتمسك بالفضائل جمود. والقصد والاعتدال في الأمور تعصب.
كتبت إحدى المجلات العلمية صورة كتاب ورد لأحد العلماء من صديق له بأميركا وقدم ذلك العالم بين يدي نجواه مقدمة يبين بها فائدة نشر هذا الكتاب يقول فيها بعد كلام طويل (حتى إذا رأيته نافعًا تتكرم بنشره ليرى الناس كيف يعيش ذلك الشعب الراقي في بحبوحة
1 / 15