Majallat Bayan
مجلة البيان
Noocyada
الكتاب وكل بقعة صلحت وطابت سواء بين المائدة والسرير والروضة والغدير أو على ظهر الماء أو في ذروة شاهقة شماء فهي مدراسه وجامعته.
وأما أن الكتاب منبعث لنور التقى والإيمان فذلك لأن كل كتاب صالح إنما هو منبر تسمع منه داعى الخير وصوت الحق وخطيب الحكمة والموعظة الحسنة فأنت من كتابك الصالح في محراب ومسجد ومعبد وأنت منه بحضرة ملك كريم أجنحته تلك الصحائف المنقوشة وهل ترى الشعور الشريف بحلوه لك الكاتب الكبير في أكرم حلة من اللفظ فيدب في نفسك دبيب الغناء - إلا من قبيل العبادة وباب الصلاة والتسبيح: وهل ترى الشاعر يظهر لك من جمال زهرة البستان ما كان من قبل غامضًا عنك إلا دالا إياك على فرع من ينبوع الجمال الكلى وعلى سطر خطه القلم العلوي في صحيفة الوجود وحلية صاغتها يد الصانع الأكبر وآية جديدة من آيات الله تدل على أنه الواحد.
وأما أن الكتاب لسان لإذاعة حجة الحق وسلاح ينتصف به من القوي للضعيف فذلك لأن الكتاب صوت الشعب يحامي عنه وينافح ويعرب عن مطالبه ويبين عن حاجه ومآربه فهو برلمانه قبل البرلمان ودستوره قبل الدستور وما القلم في ذلك إلا خطيبًا يسمع الشعب أجمع فهو لهذا قوة عظيمة وفرع من فروع الحكومة له شأن في وضع القوانين والشرائع وفي كل عمل ذي بال ومما لا شك فيه أن كل شعب لا محالة محكوم أو سيكون محكومًا بأرباب الأقلام من أبنائه وذوي الصوت من أهله.
والكتابة نوعان علمية وأدبية فالأولى ما كان أساسها الفحص والتنقيب للوصول إلى الأصول والنظر في الجزئيات لاستنتاج القواعد العامة كعلوم طبقات الأرض والطبيعة والكيمياء والطب والهندسة ما إليها وأما الثانية فهي ما كان محورها وصف الأشياء وصفًا يراعى فيه لذة القارئ قبل كل شيء ثم النصيحة والفائدة بعد ذلك ويكون الوصف من الدقة وحسن البيان بحيث يمثل لك الغائب حتى يقلب سمعك بصرًا فإن كان الموصوف إحساسًا أثار الوصف نفس هذا الإحساس في قلبك وإن كان شهوة هيجها بعينها في نفسك ولا بد من أن يكون الكاتب رجلًا عظيمًا يبصر من أسرار الموصوف وبدائعه ما يخفي على معظم الناس فإن قدم لك الشيء أعارك عينيه لتبصر بها فأنت هو ما دمت تقرأ آياته وتتأمل معجزاته ومن هذا النوع الشعر منظومه ومنثوره والقصص والروايات والسير والتاريخ
1 / 2