Majallat Bayan
مجلة البيان
Noocyada
سامي الطرف. طامح العنان تياه متكبر مختال في برديه. نظار في عطفيه. فكنت إذا دخلت مجلسًا رميت ببصري أقصى القوم نظرة الساخط المختقر. والناقم المستنكر. ثم عزفت عنهم بناظري ترفعًا وكبرياء. وزهوا وخيلاء. وكأن لسان حالي يقول ما هؤلاء الغوغاء السفلة. وأي شأن لهم هنا. بل بأي حق وأية علة يوجدون في هذا العالم! تلك شيمتي. وهي أظهر ما تكون بين الأجانب. والحق يقال إني لا يسعني إلا احتقار الأجانب حقًا كان أم باطلًا. وبسبب هذه الخصلة المحبوبة والخلة المألوفة زهدت في طعام الفندق الذي يتنازعه عدة ويتناوله رهط واعتبرته حطة وسفالة أشبه بالسوقة وأبعد من الأمراء. وجعلت من دأبي وديني أن لا أخاطب سائلا قط بل أحدد في وجه سائلي نظر إصغار واحتقار وكذلك لم يبق إنسان إلا وتركت لي في فؤاده هيبة ومخافة. استبدلت المطعم بمنزلي مما حمل صاحبي الجندي ويلدار على مخاطبته إياي ذات يوم بقوله قبحًا لك وتعسا إذا كان قصدك الصمت فلم لا تستمر تأكل معنا فإنه لطعمتك وأسوغ لجرعتك فأما من يث خوفك كلامنا معك فلعن الله من يخاطبك ولتوقن أنه لن يفاتحك والله أحد مناولو أدى ذلك إلى انتحارك.
قلت ألا دعني آكل ما اشا كما أشاء.
قال فتفعل ما بدا لك وعليك العفاء وهكذا استبددت بمذهبي وانفردت بنفسي.
ثم أردت أن أدرس الألمانية واسترشدت المسيو لو فدلني على أستاذ من معارفه وتبرع لي من ذلك بكاتبه يجالسني كل يوم ساعتين ليصلح من لساني ويقوم لهجتي فأدرك بفضل ذلك صحبة المخارج وحسن المنطق.
وكان ذلك الكاتب - واسمه هرش - فتى بشع الخلقة أبيض الشعر أحمر العينين له شاربان بلون اللهب وحلقان في أذنيه بلون شاربيه. وكان جاحظ العينين بارز الشفتين غليظهما شديد حمرتهما. وما هي إلا برهة قصيرة حتى كثر ترداد الفتى المذكور على غرفتي فلا تكاد تراه إلا خارجًا منها أو داخلًا فيها حاملًا إلى الرسائل من كل صوب وذاهبًاَ من عندي بأمثالها إلى كل حدب. وكنت إذا ناديته لم أقل إلا هرش! يا هذا الوغد النكس والكلب الدنس هات حذائي هرش أيها العبد نظف ردائي (أجر أيها الذئب فضع هذا الكتاب في صندوق البريد) إلى ما يماثل ذلك من ألفاظ المدح والتقريظ. وكان الخبيث أطوع إلى من
1 / 28