Majallat Bayan
مجلة البيان
Noocyada
منتصف الطريق وطلع القمر وأنا مشغول ببعض كتابة في يدي لم يذهلني عنها إلا أن سمعت خادمة المطعم من ورائي تنادي صديقًا لها تعال شوف فوضعت أنا الآخر كراستي ولم أكد أرفع نظري حتى رأيت أبدع منظر. رأيت الجبال يلفها الضباب في ثوبه الشفاف والقمر بين قممها كبيرًا متورد اللون أخجلته الأنظار الكثيرة التي اتجهت في تلك اللحظة إليه فرمى بنظراته إلى ما تحته وبعث على البحيرة الوديعة الهادئة خطابًا من ذهب ثم صار يحبو. متثاقلًا بطيئًا وسط لجة السماء وبين صخور الجبال ويلقى عنه ثوبه الوردي ليظهر بجماله ولا يفتر يرنو للبسيطة وما عليها ويتبع قاربنا في مسيره وقد رسم إلى جانبه فوق سطح الماء سكة لجية تتماوج حتى تضيع في ظل الجبل.
هذا جمال السماء وليست الأرض أقل جمالًا. ليست جبالها العالية تخرق الجو ثم تنحدر يغطيها الشجر الأخضر والنبات والعشب أو تجلل رؤوسها بتيجان الثلوج الناصعة. وبحارها الواسعة تقصر العين دون آفاقها وتتابع موجاتها عالية هابطة وتكن في جوفها من السر ما نعجز دونه. وسهولها الهائلة تقوم فوقها الزروع شتى ألوانها. وأنهارها وغدرانها وأشجارها وما يحويه ذلك كله ثم حيواناتها باشكالها الجميلة المتباينة وطبائعها المتخالفة العجيبة ما تكنه من معان يحار الذهن دونها. ليس ذلك كله إلا شيأ يأسر اللب ويأخذ بالنفس ويجعلنا نحس أن ما حولنا وما يحويه من جمال هو سبب الحياة ومعنى السعادة. (للرسالة بقية).
3 / 40