Majallat Bayan
مجلة البيان
Noocyada
نعم وإذا كانت الأمم تتفاوت في الأولوية بهذا الواجب فأولى الأمم بذلك وأجدر هي تلك الأمة الحافل تاريخها بالعبر والعظات والأعاجيب والمدهشات تلك الأمة التي أسست على أعظم دين نبغ في هذه الأرض وقام للشرائع والعلوم والآداب فيها دولة بل دولات تلك الأمة التي تحسر دون عظمتها الظنون وتفحم بنعتها قرائح الشعراء وتخرس عن العبارة عنها شقاشق الخطباء ويركع أمام هيكل تاريخها المقدس أكبر المؤرخين إعظامًا وإكبارًا تلك الأمة بل الأمم الإسلامية التي. . . آه يا رب ماذا أقول لا أقول إلا أني لا أقول فالصمت أبلغ ما يكون في مثل هذا الموقف الرهيب تاريخ الإسلام كله مفارقات ضحك وبكاء ويأس ورجاء وقرب ومنعة وضعة ورفعة وعلم وجهل وحزن وسهل ونعيم ورخاء وبؤس وشقاء وتعاليم صحيحة سماوية في أعلى عليين وتعاليم فاسدة أرضية في أسفل سافلين.
تاريخ الإسلام عظيم - عظيم جدًا - وعلى عظمته هذه لم يكتب فيه مؤرخ عظيم وإني يكون ذلك والقائل فيه أما مسلم أي متعصب للإسلام أو غير مسلم أي متعصب عليه وكلاهما لا يمكن أن يكون منصفًا أي عظيمًا أي عظيما ويعجبني ما قاله المؤرخ الحكيم ارنست رنان في مقدمة تاريخ السيد المسيح: يجب على الذي يتصدى لتاريخ دين من الأديان أمران (الأول) أن يكون قد آمن به أولًا وإلا فإنه لا يفهم شيئًا من محاسنه ولا يدرك ما فيه من مطمنات النفوس ومرضيات الضمير البشري (الثاني) أن يكون قد صار ممن لا يؤمنون به إيمانًا مطلقًا من غير شرط ولا قيد: لأن الإيمان المطلق لا ينطبق على العلم والتاريخ لكونه يوجب التسليم والعلم والتاريخ لا يعرفان تسليما: (وبعد) فلقائل أن يقول ما هو التاريخ الإسلامي وماذا تعني به وماذا عسى أن تقول فيه وماذا تقصد إليه من التعرض له وما هي المصادر الذي ستعتمد عليها فيه - فجواب ذلك ما يأتي
التاريخ الإسلامي هو تاريخ الأمم الإسلامية جميعًا على اختلاف صنوفهم أي تاريخ العرب والفرس والترك والديلم والبربر (المغاربة) والسود والقبط (المصريين) ومن إليهم وذلك يستدعي تاريخ مؤسس هذه النهضة العظيمة السيد الرسول ﵇ والنظر في حياته الطاهرة وشمائله والربانية وما جاء به من التعاليم السماوية نظرا فلسفيًا دقيقًا وذلك يستدعي النظر في حال العرب قبل الإسلام ولاسيما قريش الذين بينهم ظهر الإسلام وسطع
1 / 13