78

Majalis Wacziyya

المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية صلى الله عليه وسلم من صحيح الإمام البخاري

Baare

أحمد فتحي عبد الرحمن

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Goobta Daabacaadda

بيروت - لبنان

Noocyada

Hadith
حتى يتخيل أنه يطئ الأجنبية، هل يأثم بذلك فاعله أويستحب له أن يفعل ذلك لحديث: «إذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه» (١) . فأجاب: بأنه لا يحرم عليه ذلك، ولا يؤاخذ به لقوله ﷺ «إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به نفسها» (٢) ولكن يكره ذلك، والله أعلم قاله الدميري (٣) . وفيه دليل على أن ما ليس بعمل تشترط فيه النية كالتروك مثل ترك الزنا والخمر وباقي المعاصي، نعم إذا أراد تحصيل الثواب ولابد له من القصد، فمن ترك الزنا مثلًا بعد أن خطر على باله خوفًا من الله يثاب على هذا الترك، أما من لم يقصد ترك المعصية لا يثاب على تركها فمن لم تخطر المعصية بباله أصلًا ليس كمن خطر في نفسه عنها خوفًا من الله. وفيه دليل على أن النجاسة لا تجب إزالتها وهو الأصح لأنه من باب التروك (انتهى) . وفيه دليل على ما كان عليه النبي ﷺ من مكارم الأخلاق حيث لم يصرح بالإنكار على من هاجر لأجل المرأة، بل أورده مورد الإيهام كقوله في حديث آخر: «ما بال أقوام يفعلون كذا» (٤) وهذا من مكارم أخلاقه ﷺ.

(١) أخرجه مسلم في صحيحه (٢/١٠٢١، رقم ١٤٠٣)، وأحمد في مسنده (٣/٣٤٨، رقم ١٤٧٨٦)، والطبراني في المعجم الأوسط (٩/٣٨، رقم ٩٠٧٣) من حديث جابر. (٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٥/٢٠٢٠، رقم ٤٩٦٨)، ومسلم في صحيحه (١/١١٦، رقم ١٢٧)، والترمذي في سننه (٣/٤٨٩، رقم ١١٨٣)، وأبو داود في سننه (٢/٢٦٤، رقم ٢٢٠٩)، والنسائي في سننه (٦/١٥٦، رقم ٣٤٣٣)، وابن ماجه في سننه (١/٦٥٨، رقم ٢٠٤٠)، وأحمد في مسنده (٢/٤٢٥، رقم ٩٤٩٤)، وأبو يعلى مسنده (١١/٢٧٨، رقم ٦٣٩٠)، وابن أبي شيبة في مصنفه (٤/٨٥، رقم ١٨٠٦٢)، وإسحاق بن راهويه في مسنده (١/٨٢، رقم ٦)، والطيالسي في مسنده (ص: ٣٢٢، رقم ٢٤٥٩)، والحارث في مسنده (١/١٦٣، رقم ١٩)، وابن منده في الإيمان (ص: ٤٧٥، رقم ٣٤٩)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (٦/٢٨٢)، والقضاعي في مسند الشهاب (٢/١٦٧، رقم ١١١٤)، والبيهقي في السنن الكبرى (٧/٣٥٠، رقم ١٤٨٣٠) جميعًا عن أبي هريرة. (٣) الدميري هو: بهرام بن عبد الله بن عبد العزيز، أبو البقاء، تاج الدين السلمي الدميري القاهري، فقيه انتهت إليه رياسة المالكية في زمنه، مصري نسبته إلى ميرة قرية قرب دمياط ومولده بها سنة: ٧٣٤هـ،. أفتى ودرس وناب في القضاء بمصر، واستقل به سنة ٧٩١ – ٧٩٢، وتوجه مع القضاة إلى الشام لحرب الظاهر وعاد الظاهر، فعزله بعد أن طعن في صدره وشدقه، وكان محمود السيرة لين الجانب، كثير البر، انتفع به الطلبة ولاسيما بعد صرفه عن القضاء. له كتب منها: الشامل على نسق مختصر خليل في الفقه، وقام بشرحه بعد ذلك، والمناسك في مجلدة، و(شرح) في ثلاثة مجلدات، وشرح مختصر خليل في الفقه، وشرح مختصر ابن الحاجب في الأصول، وشرح ألفية ابن مالك، والدرة الثمينة منظومة في نحو ٣٠٠٠ بيت، وشرحها، اطلع السخاوي على بعض هذه الكتب بخطه، وكانت وفاته سنة: ٨٠٥هـ. (٤) هذا ما كان يفعله النبي ﷺ في بذل النصيحة في الملأ بدون تصريح بالذين يقومون بالفعل المخالف الذي على أثره أتت النصيحة منه ﷺ، وهو تعليم سديد ومنهج رشيد وأسوة حسنة، وكتب السنة فيها الأمثلة الكثيرة لذلك نحو ما رواه البخاري في صحيحه (٢/٩٨١، رقم ٢٥٨٤) في قصة عن عائشة ﵂ وفيه أنها قالت: ثم قام رسول الله ﷺ على المنبر فقال: «ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فليس له وإن اشترط مائة شرط» . ونحو ما رواه مسلم في صحيحه (٢/١٠٢٠، رقم ١٤٠١) في قصة النفر الذين سألوا أزواج عن عمل رسول الله ﷺ والقصة رواها سيدنا أنس بن مالك وفيها أن رسول الله ﷺ لما سمع كلام النفر، حمد الله وأثنى عليه فقال: «ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني» .

1 / 122