المجلس الثالث
في الكلام على رجال إسناد حديث «إنما الأعمال بالنيات»
ونذكر فيه طرفًا من ترجمة عمر بن الخطاب ﵁
قَالَ البُخَارِي:
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ، يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ ...
قوله: «حدثنا الحميدي» هذا هو أحد مشايخ البخاري أبو بكر عبد الله بن عبد الله بن الزبير منسوب إلى جده الأعلى حميد، وهو إمام كبير مصنف رافق الشافعي في الطلب عن ابن عينيه وطبقته، وأخذ عنه الفقه ورحل معه إلى مصر، ورجع بعد وفاته إلى مكة، وكانت وفاته بها سنة تسع عشرة ومائتين (١) .
وافتتح البخاري كتابة بالرواية عن الحميدي دون غيره من مشايخة لأنه قرشي، بل هو أفقه أهل قريش من أئمتنا لقوله ﷺ: «قدموا قريشًا ولا تقدموها» (٢) .
ولتقديمه مناسبة أخرى وهي أنه مكي فناسب أن يذكر في أول ترجمة الوحي لأن ابتداءه كان من مكة (٣) .
_________
(١) ترجم الحافظ ابن حجر في الفتح (١/٤٦) للحميدي فقال: هو: أبو بكر عبد الله بن الزبير بن عيسي، منسوب إلى حميد بن أسامة، بطن من بني أسد بن عبد العزى بن قصي، رهط خديجة زوج النبي ﷺ يجتمع معها في أسد، ويجتمع مع النبي ﷺ في قصي، وهو إمام كبير مصنف، رافق الشافعي في الطلب.
(٢) أخرجه البزار في مسنده (٢/١١٢، رقم ٤٦٥) عن علي ﵁، وأبو نعيم في حلية الأولياء (٩/٦٤) عن أنس بن مالك ﵁، والإمام الشافعي في المسند (١/٢٧٨) عن ابن شهاب أنه بلغه أن رسول الله ﷺ ... فذكره، وأخرجه ابن أبي عاصم في كتاب السنة (٢/٦٣٧، رقم ١٥١٩) عن عبد الله بن السائب ﵁.
(٣) قال ابن حجر في الفتح (١/٤٦): فكأن البخاري امتثل قوله ﷺ: «قدموا قريشًا» فافتتح كتابه بالرواية عن الحميدي، لكونه أفقه قرشي أخذ عنه، وله مناسبة أخرى: لأنه مكي كشيخه، فناسب أن يذكر في أول ترجمة بدء الوحي، لأن ابتداءه كان بمكة، ومن ثم ثنى بالرواية عن مالك، لأنه شيخ أهل المدينة، وهي تالية لمكة في نزول الوحي وفي جميع الفضل، ومالك وابن عيينة قرينان، قال الشافعي: لولاهما لذهب العلم من الحجاز.
1 / 89