قال السخاوي في القول البديع: وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «إن لله سيارة من الملائكة، إذا سمعوا حلق الذكر قال بعضهم: اقعدوا فإذا دعا القوم أمنوا على دعائهم، فإذا صلوا على النبي ﷺ صلوا معهم حتى يفرغوا، ثم يقول بعضهم لبعض: طوبى لهؤلاء يرجعون مغفور لهم» رواه أبو القاسم التميمي في ترغيبه (١) .
وحكي أن أبا العباس أحمد بن منصور يوم مات رآه رجل من أهل شيراز، وهو واقف بجامعها في المحراب، وعليه حلة وعلى رأسه تاج كامل بالجواهر، فقال له: ما فعل الله بك؟ قال غفر لي وأكرمني وتوجني وأدخلني الجنة، فقال له: بماذا؟ قال: بكثرة صلاتي على رسول الله ﷺ رواه النميري.
وقول البخاري: «وقول الله تعالى» يجوز فيه الجر عطفًا على محل الجملة التي هي كيف كان بدء الوحي، والرفع عطفًا على لفظ البدء قاله الكرماني.
قال البرماوي: وضعف بأن كلام الله لا يكيف، ثم قال: قلت: يصح على تقدير مضاف، أي: كيف نزول قول الله أو كيف فهم قول الله أو نحو ذلك.
أو أن المراد بكلام الله تعالى المنزل المتلو لا مدلوله، وهو الصفة القديمة القائمة بذاته.
وذكر البخاري هذه الآية الكريمة وهي قوله ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [النساء: ١٦٣] لأن عادته أن يبتذل للترجمة بما وقع له من قرآن وسنة مسندة وغيرها، وأراد: أن الوحي سنة الله وأنبيائه.
ومعنى الآية: إنا أوحينا إليك يا محمد كما أوحينا إلى سائر الأنبياء وحي رسالة لا وحي إلهام فقط (٢)
..
_________
(١) ذكره الهندي في كنز العمال (حديث رقم ١٨٧٦) معزوًا إلى ابن النجار عن أبي هريرة.
(٢) فسر ابن حجر هذه الآية وتحدث عن وجه مناسبتها للحديث فقال: قوله: «وقول الله» هو بالرفع على حذف الباب عطفًا على الجملة، لأنها في محل رفع، وكذا على تنوين باب، وبالجر عطفًا على كيف، وإثبات باب بغير تنوين، والتقدير باب معنى قول الله كذا، أو الاحتجاج بقول الله كذا، ولا يصح تقدير كيفية قول الله، لأن كلام الله لا يكيف قاله عياض، ويجوز رفع «وقول الله» على القطع وغيره.
قوله: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ... الآية؟ قيل: قدم ذكر نوح فيها لأنه أول نبي أرسل، أو أول نبي عوقب قومه، فلا يرد كون آدم أول الأنبياء مطلقًا.
ومناسبة الآية للترجمة واضح من جهة: أن صفة الوحي إلى نبينا ﷺ توافق صفة الوحي إلى من تقدمه من النبيين.
ومن جهة: أن أول أحوال النبيين في الوحي بالرؤيا، كما رواه أبو نعيم في الدلائل بإسناد حسن عن علقمة بن قيس صاحب ابن مسعود قال: إن أول ما يؤتى به الأنبياء في المنام حتى تهدأ قلوبهم، ثم ينزل الوحي بعد في اليقظة. انظر الفتح (١/٤٦) .
1 / 81