وفي حديث آخر: «بكاء الصبي في المهد أربعة أشهر توحيد، وأربعة أشهر صلاة على نبيكم، وأربعة أشهر استغفار لأبويه» (١) .
وفي حديث آخر: «فإذا استسقى نبع الله له ضرع أمه عينًا من الجنة فيشرب فيجزيه عن الطعام والشراب» (٢) .
وذكروا: أن الصلاة على النبي ﷺ تزكية للأعمال ورفع للدرجات، ومغفرة للذنوب، وكفاية الدنيا والآخرة، ومحق للخطايا، ونجاة من الأهوال، ويحصل بها رضا الله ورحمته، وأمان من سخطه، ووجوب الشفاعة، والدخول تحت ظل العرش، ورجحان الميزان، وورد الحوض، والأمان من العطش، والعتق من النار، والجواز على الصراط، ورؤية المقعد المقرب من الجنة قبل الموت، وكثرة الأزواج في الجنة، وتقوم مقام الصدقة للمعسر، وينمو المال ببركتها، تقضى بها مائة حاجة من الحوائج بل وأكثر، وهي عبادة وأحب الأعمال إلى الله، وتزين المجالس، وتنفي الفقر وضيق العيش، وتنفع الإنسان وولده وولد ولده، وتقرب إلى الله وإلى رسوله، وتنصر على الأعداء، وتطهر القلوب من النفاق، وتوجب محبة الناس ورؤية النبي ﷺ في المنام، وتمنع صاحبها من الغيبة، وتنفع عند الهم والكرب والشدائد والفقر والغرق والطاعون، وهي من أبرك الأعمال وأفضلها، وأكثرها نفعًا في الدنيا.
وتستحب في مواضع سنذكرها في محلها منها:
كلما ذكر، بل ذهب بعض العلماء إلى أن الصلاة عليه تجب كلما ذكر، واختار هذا القول الحليمي (٣)
من الشافعية والطحاوي (٤) من الحنفية، واللخمي (٥) من المالكية وابن بطه (٦) من الحنابلة، والصحيح عند إمامنا الشافعي (٧)
: أن الصلاة على النبي ﷺ لا تجب إلا في الصلاة في التشهد الأخير، وهي فيه ركن من أركان الصلاة، وأما خارج الصلاة فإنها
_________
(١) ذكره في الموضوعات بمعناه الحافظ السيوطي في اللالئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة (١/٩٩) .
(٢) لم نقف عليه بهذا اللفظ، وعلامات الوضع تلوح عليه كسابقيه.
(٣) هو: العلامة البارع رئيس أهل الحديث بما وراء النهر، القاضي أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري الشافعي، من أصحاب الوجوه، كان من أذكياء زمانه، ومن فرسان النظر له يد طولى في العلم والأدب، أخذ عن القفال وغيره، وله تصانيف مفيدة، ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، ومات في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعمائة.
انظر: طبقات الحفاظ (١/٤٠٨، ترجمة: ٩٢٣) .
(٤) هو: أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي الطحاوي، أبو جعفر: فقيه انتهت إليه رياسة الحنفية بمصر، ولد ونشأ في «طحا» من صعيد مصر سنة: ٢٣٩هـ، وتفقه على مذهب الشافعي، ثم تحول حنفيًا، ورحل إلى الشام سنة ٢٦٨ هـفاتصل بأحمد بن طولون، فكان من خاصته، وهو ابن أخت المزني، من تصانيفه: شرح معاني الآثار، في الحديث، وريالة تحت عنوان: بيان السنة، وكتاب: الشفعة، والمحاضر والسجلات، ومشكل الآثار طبع في أربعة أجزاء، في الحديث وأحكام القرآن، والمختصر في الفقه، وشرحه كثيرون، والاختلاف بين الفقهاء الجزء الثاني منه في دار الكتب وهو كبير لم يتمه، وتاريخ كبير منه مجلدات مخطوطة في اسطنبول باسم: مغاني الأخيار في أسماء الرجال ومعاني الآثار، ومناقب أبي حنيفة، وكانت وفاته بالقاهرة سنة: ٣٢١هـ.
(٥) هو: عبد المعطي بن محمود بن عبد المعطي ابن عبد الخالق، أبو محمد، ابن أبي الثناء اللخمي الاسكندري: فقيه مالكي، صوفي ضرير، ولد وعاش بالأسكندرية سنة: ٥٦٣هـ، وكان له فيها رباط مشهور به. توفي بمكة ودفن بالمعلى سنة: ٦٣٨هـ، له كتب أملاها، منها: شرح الدلالة على فوائد الرسالة للقشيري، وشرح منازل السائرين للهروي، وشرح الرعاية للمحاسبي.
(٦) هو: عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان، أبو عبد الله العكبري، المعروف بابن بطة: عالم بالحديث، فقيه من كبار الحنابلة، من أهل عكبرا ولد بها ابن بطة سنة: ٣٠٤هـ، وتوفي أيضًا بها سنة: ٣٨٧هـ، رحل إلى مكة والثغور والبصرة وغيرها في طلب الحديث، ثم لزم بيته أربعين سنة، فصنف كتبه وهي تزيد على مائة، منها: الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة، ويسمى أيضًا: الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية، وله: الإنكار على من قضى بكتب الصحف الأولى، والتفرد والعزلة.
(٧) هو: أبو عبد الله، محمد بن إدريس بن العباس بن العباس بن شافع الهاشمي، أحد أئمة أهل السنة الأربعة، وإليه ينسب المذهب الشافعي، ولد في غزة بفلسطين سنة (١٥٠هـ)، وحمل إلى مكة وهو ابن سنتين، وزار بغداد مرتين، وهو صاحب المذهبين القديم والجديد، من آثاره: كتاب الأم، وإختلاف الحديث، وتوفي بمصر سنة (٢٠٤هـ) .
انظر: الأعلام (٦/٢٦)، وتذكرة الحفاظ (١/٣٢٩) .
1 / 74