وقوله «باب» قال الكرماني: يجوز فيه وفي نظائره ثلاثة أوجه:
الأول: «باب» بالرفع والتنوين.
والثاني: «بابُ» بالرفع بلا تنوين على الإضافة، وعلى التقديرين هو خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا باب.
والثالث: «بابْ» بالسكون على سبيل التعداد للأبواب فلا إعراب له، قال البرماوي: ولا يخفى بُعده.
و«بدء الوحي» بالهمز مصدر «بدء» بمعنى البداية، يقال: بدو الوحي بلا همز مصدر بدا يبدي بمعنى ظهر.
و«الوحي» مصدر «وحى يحي» كوعد يعد، ويقال: «أوحى» رباعيًا بمعناه، ولكن الأكثر في الاستعمال مصدر الثلاثي.
ومعنى الوحي في اللغة: الإعلام بخفاء، وقيل: بسرعة ومنه الوحا.
وأما في الشرع: فهو إعلام الله تعالى أنبياءه الشيء بكتاب أو برسالة أو ملك أو منام أو إلهام أو نحو ذلك (١) .
واستعمل الوحي في كتاب الله بمعنى الأمر نحو: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الحَوَارِيِّينَ أَنْ
_________
(١) فصل الحافظ ابن حجر في الفتح (١/٤٥) معنى الوحي في اللغة والشرع والمراد به هنا فقال: قوله: «بدء الوحي» قال عياض: روي بالهمز مع سكون الدال من الابتداء، وبغير همز مع ضم الدال وتشديد الواو من الظهور.
قلت: ولم أره مضبوطًا في شيء من الروايات التي اتصلت لنا، إلا أنه وقع في بعضها «كيف كان ابتداء الوحي»، فهذا يرجح الأول، وهو الذي سمعناه من أفواه المشايخ.
وقد استعمل البخاري هذه العبارة كثيرًا، كبدء الحيض، وبدء الأذان، وبدء الخلق.
«والوحي» لغة: الإعلام في خفاء، والوحي أيضا: الكتابة والمكتوب والبعث والإلهام والأمر والإيماء والإشارة والتصويت شيئا بعد شيء.
وقيل: أصله التفهيم، وكل ما دللت به من كلام أو كتابة أو رسالة أو إشارة فهو وحي.
وشرعًا: الإعلام بالشرع، وقد يطلق الوحي ويراد به اسم المفعول منه أي: الموحى، وهو: كلام الله المنزل على النبي ﷺ.
وقد اعترض محمد بن إسماعيل التيمي على هذه الترجمة، فقال: لو قال: كيف كان الوحي لكان أحسن، لأنه تعرض فيه لبيان كيفية الوحي، لا لبيان كيفية بدء الوحي فقط.
وتعقب بأن المراد من بدء الوحي، حاله مع كل ما يتعلق بشأنه، أي: تعلق كان، والله أعلم.
1 / 70