وقال:
رويدك قد غررت وأنت حر
بصاحب حيلة يغط النساء
يحرم فيكم الصهباء صبحا
ويشربها على عند مساء ... إلخ.
فهو يصور قيام الدعاة إلى إمام مستتر، وظلم الناس وفسادهم، ويدعو إلى استعمال العقل كما أمر الله. •••
وأخيرا أطلقت في مصر كلمة المهدي على من أسلم، وكان هو أو أبوه نصرانيا ويسمونه في سوريا المهتدي بدل المهدي، وذلك كالشيخ المشهور الشيخ محمد الحنفي المهدي، وقد كان من قوم أقباط فأسلم وتعلم في الأزهر وما زال يتفقه حتى ولي الجامع الأزهر، وكان يتداخل في الأمور، واتصل بالفرنسيين عند دخولهم، ولما رتبوا الديوان الذي يجري الأحكام بين المسلمين جعلوه في ديوانهم، وكان هو المشار إليه، وكان الناس يقصدونه في الحوائج ويمشون حوله وأمامه وتقبل شفاعاته، ويأتي إليه الفلاحون بالهدايا من أغنام وسمن ونحو ذلك وأثرى ثراء عظيما، واستمر في مشيخة الأزهر والتدريس فيه، واختاره محمد علي باشا ليسافر مع ابنه طوسون إلى الحجاز لمحاربة الوهابيين، لما رجع انتقض عليه الأزهر، فعزل إلى آخر ما كان.
وممن لقب بهذا اللقب شيخنا الأستاذ محمد المهدي، وكان أستاذا لنا في مدرسة القضاء وأحد تلاميذ الشيخ محمد عبده المقربين إليه، وقد كان من أصل نصراني؛ ولذلك كان يسمى الشيخ محمد المهدي زيكو.
هذه الثورات التي ذكرناها هي النتائج الماهية لفكرة التشيع وفكرة المهدية.
وهناك نتائج بعيدة المدى، فهناك أفكار شيعة ومهدوية تسربت إلى الفنون والعلوم، حتى يصعب على الباحث المدقق استخراجها، نجدها في التفسير وخاصة التفسيرات الرمزية لبعض الآيات القرآنية، وفي الأحاديث التي وضعت بإحكام كبعض أحاديث رواها الحاكم وغيره في أخبار المهدي، وموعد ظهوره وكونه من أشراط الساعة وغير ذلك، وهناك الآراء المنسوبة على التصوف وتطبيقهم فكرة المهدي على فكرة الأقطاب، وكأفكار الحلاج في الحلول تشبيها لما قاله المهديون في الأئمة.
Bog aan la aqoon