أثر عربي في هذا الفن كتاب كليلة ودمنة الذي نقله ابن المقفع في مطلع الدولة العباسية من الفارسية إلى العربية. وتبدو لغة المثلين قريبة من لغة كليلة ودمنة وكذلك اسلوبهما مما يحملنا على القول أن صاحب المحاسن والأضداد تأثر بكليلة ودمنة.
أما الأمثال السائرة فعديدة وردت متفرقة في تضاعيف الكتاب.
والمثل السائر جملة قصيرة ترمز إلى حادثة نادرة جرت لبعض الناس أو قالها أحدهم بمناسبتها، فشاعت وسارت على الألسن، ورددها الناس في الحوادث المشابها. أهمها «أحمق من هبنقة»، «وأحمق من دغة»، «وأحمق من باقل» (باب محاسن الدهاء والحيل) . ومنها المثل «لا هنك انقيت ولا ماءك أبقيت»، والمثل «في الصيف ضيعت اللبن» (باب أمثال في التزويج) . ومنها المثل «تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها» (باب المطلقات) . والمثل «ويل للشجي من الخلي» «وعند جهينة الخبر اليقين» (باب مساوىء مكر النساء) . ثم المثل «العجب كل العجب بين جمادى ورجب» . والمثل «سبق السيف العذل» (باب محاسن الغيرة) .
ونجد في كتب الجاحظ كثيرا من الأمثال السائرة الواردة في المحاسن والأضداد وكذلك نجد الميداني (٥١٨ هـ) يؤلف كتابا ضخما يجمع الأمثال هو «مجمع الأمثال» . ولا بد أن الميداني أفاد منهما.
وهناك مصدر آخر استمد منه الكتاب الكثير من مادته هو الآداب الفارسية. ويبدو أن صاحبه يعرف اللغة الفارسية فهو مثلا يورد توقيع عبد الله بن طاهر «من سعى رعى، ومن لزم المنام رأى الأحلام» ثم يعلق عليه قائلا: هذا المعنى سرقه من توقيعات أنو شروان فإنه يقول «هرك روذ حرد هرك خسبد خراب ببند» . ويقول في مكان آخر: «وجد في بعض خزائن ملوك العجم لوح من حجارة مكتوب عليه: كن لما لا
1 / 13