الأصمعي قال: سمع عامر بن عبد الله بن الزبير ابنه ينال من عليّ، ﵁، فقال: يا بني إياك وذكر عليّ، ﵁، فإن بني أمية تنقصته ستين عامًا فما زاده الله بذلك إلا رفعة.
قال: وقال عبد الملك بن مروان للحجاج بن يوسف: جنّبني دماء آل أبي طالب فإني رأيت بني حرب لما قتلوا الحسين، ﵇، نزع الله ملكهم.
محاسن الحسن والحسين
ابني علي بن أبي طالب، ﵃
روي عن أنس بن مالك أنه قال: لم يكن في أهل بيت رسول الله، ﷺ، أحد أشبه به من الحسن، ﵇، وكان قال له رسول الله، ﷺ، ابني هذا سيّد لعلّ الله جل وعز أن يصلح به بين فئتين من المسلمين. وكان بينه وبين أخيه الحسين، ﵇، طهْزٌ واحد، وكان أسخى أهل زمانه.
وذكروا أنه أتاه رجل في حاجة فقال: اذهب فاكتب حاجتك في رقعة وارفعها إلينا نقضها لك. قال: فرفع إليه حاجته، فأضعفها له، فقال بعض جلسائه: ما كان أعظم بركة الرقعة عليه يا ابن رسول الله. فقال: بركتها علينا أعظم حين جعلنا للمعروف أهلًا، أما علمت أن المعروف ما كان ابتداء من غير مسألة؟ فأما من أعطيته بعد مسألة فإنما أعطيته بما بذل لك من وجهه، وعسى أن يكون بات ليلته متململًا أرقًا يميل بين اليأس والرجاء لا يعلم لما يتوجه من حاجته أبكآبة الرد أم بسرور النجح فيأتيك وفرائصه ترعد وقلبه خائف يخفق، فإن قضيت له حاجته فيما بذل لك من وجهه فإن ذلك أعظم مما نال من معروفك.
قيل: وكان لرجل على ابن أبي عتيق مال فتقاضاه فقال له: ائتني العشية في مجلس الولاية فسلني عن بيت قريش. فوافاه الغريم في ذلك المجلس، فقال له: إنا تلاحينا في بيت قريش ورضينا بك حكمًا، فقال: آل حرب، قال: ثم من؟ قال: آل أبي العاص، والحسن بن علي، ﵁، حاضر، فشق ذلك عليه، فقال الرجل: فأين بنو عبد المطلب؟ قال: لم أكن أظن أن تسألني عن غير بيت الآدميين فأما إذا صرت تسألني عن بيت الملائكة وعن رسول الله رب العالمين وسيد كل شهيد والطيار مع الملائكة فمن يساوي هؤلاء فخرًا إلا وهو منقطع دونهم. قال: فانجلى عن الحسن، ﵇، ثم قال: إني لأحسب أن لك حاجة. قال: نعم يا ابن رسول الله، لهذا علي كذا وكذا، فاحتملها عنه ووصله بمثلها، قال: وأتاه رجل آخر فقال: يا ابن رسول الله إني عصيت رسول الله، ﷺ. فقال: بئس ما صنعت، فماذا عصيته؟ قال: قال، ﵇: شاوروهن وخالفوهن، وإني أطعت صاحبتي فاشتريت غلامًا فأبق. قال له: اختر واحدة من ثلاث، إن شئت ثمن الغلام. قال: بأبي أنت وأمي قف على هذه ولا تجاوزها! قال: اعرض عليك الثلاث! فقال: حسبي هذه، فأمر له بثمن الغلام.
وذكروا أن رجلين أحدهما من بني هاشم والآخر من بني أمية قال هذا: قومي أسمح، وقال هذا: قومي أسمح، قال: فسل أنت عشرة من قومك وأنا أسأل عشرة من قومي. فانطلق بني أمية فسأل عشرة فأعطاه كل واحد منهم عشرة آلاف درهم، وانطلق صاحب بني هاشم إلى الحسن بن علي، ﵁، فأمر له بمائة وخمسين ألف درهم، ثم أتى الحسين، ﵇، فقال: هل بدأت بأحد قبلي؟ قال: بدأت بالحسن، قال: ما كنت أستطيع أن أزيد على سيدي شيئًا، فأعطاه مائة وخمسين ألفًا من الدراهم، فجاء صاحب بني أمية فحمل مائة ألف درهم من عشرة أنفس، وجاء صاحب بني هاشم فحمل ثلاثمائة ألف درهم من نفسين، فغضب صاحب بني أمية فردها عليهم فقبلوها، وجاء صاحب بني هاشم فردها عليهما فأبيا أن يقبلاها وقالا: ما كنا نبالي أخذتها أم ألقيتها في الطريق، وكان الحسن بن علي، رضوان الله عليهما، أشبه برسول الله، ﷺ، من صدره إلى قدمه، وكان أيضًا أحد الأجواد، دخل على أسامة بن زيد وهو يجود بنفسه ويقول: واكرباه واحزناه! فقال: وما الذي أحزنك يا عم؟ قال: يا ابن رسول الله ستون ألف درهم دين عليّ لا أجد لها قضاء. قال: هي عليّ. قال: فك الله رهائنك يا ابن النبي، ﷺ، الله أعلم حيث يجعل رسالاته.
مساوئ قتلة الحسين بن علي
رضوان الله عليهما
1 / 25