125
قيل: وأتى أعرابي عبد الله بن طاهر فقال: أيها الأمير اسمع مديحتي. فقال: لست أنحاش له. قال: فاسمع شعري في نفسي. قال: هات، فقال: ليس من بخلك أني ... لم أجد عندك رزقا ذا لجدّي ولشؤمي ... ولحرفي المُبَقّى فجزاك الله خيرًا ... ثم بعدًا لي وسحقا فضحك ثم قال: تلطفت في الطلب، وأمر له بألف دينار. محاسن الرجال مدح أعرابي رجلًا فقال: فتىً آتاه الله الخير ناشئًا فأحسن لبسه وزين نفسه. ومدح أعرابي رجلًا فقال: كان والله للأخلاء وصولًا وللمال بذولًا، وكان الوفاء بهما عليه كفيلًا، فمن فاضله كان مفضولًا. ومدح أعرابي رجلًا فقال: هو أكسبهم للمعدوم وآكلهم للمأدوم وأعطاهم للمحروم. ومدح أعرابي رجلًا فقال: ما زلت لأحسن ما يرجى من الإخوان منك راجيًا وما زلت لأكثر ما أرجو منك مصدقًا. ومدح أعرابي رجلًا فقال: كان والله تعبًا في طلب المكارم وغير ضالّ في مصالح طرقها ولا متشاغل عنها بغيرها. ومدح أعرابي رجلًا فقال: لسانه أحلى من الشهد وقلبه سجن للحقد. ومدح أعرابي رجلًا فقال: ذاك صحيح النسب مستحكم الأدب، من أي أقطاره أتيته قابلك بكرم فعال وحسن مقال. ومدح أعرابي رجلًا فقال: إذا أنبتت الأصول في القلوب نطقت الألسن بالفروع، والله يعلم أني لك شاكر ولساني بثنائك ذاكر، وما يظهر الود السليم إلا من القلب المستقيم. ومدح أعرابي رجلًا فقال: كان إذا نزلت به النوائب قام إليها ثم قام بها ولم تقعده علات النفوس عنها. ومدح أعرابي رجلًا وفرسًا فقال: كان والله طويل العذار أمين العثار، إذا رأيت صاحبه عليه حسبته بازيًا على مرقب معه رمح يقبض به الآجال. ومدح أعرابي رجلًا فقال: لا تراه الدهر إلا كأنه لا غنى به عنك وإن كنت إليه أحوج، وإذا أذنبت غفر وكأنه المذنب، وإن احتجت إليه أحسن وكأنه المسيء. قال: وقال أعرابي لرجل: أما والله لقد كنت لجامًا لأعدائك ما تفلّ شكيمتاه إذا كبح به الجموح أقعى على رجليه. قال: ولقي أعرابي أعرابيًا فقال: كيف وجدت فلانًا؟ قال: وجدته والله رزين الحلم واسع العلم خصيب الجفنة، إن فاخرته لم يكذب وإن مازحته لم يحفظ. ومدح أعرابي رجلًا فقال: كان يفتح من الرأي أبوابًا منسدة ويغسل من العار وجوهًا مسودة. ومدح أعرابي قومًا فقال: أولئك غيوث جدبٍ وليوث حرب، إن قاتلوا أبلوا وإن أعطوا أغنوا. ومدح أعرابي رجلًا فقال: ذاك من شجر لا يجف ثمره وماء لا يخاف كدره. مساوئ الرجال ذم أعرابي رجلًا فقال: يا نطفة الحمار ونزيع الظؤورة وشبيه الأخوال. وذم قومًا فقال: إن آل فلان قوم غدر شرّابون للخمر، ثم هذا في نفسه نطفة خمّار في رحم صناجة. وذم أعرابي رجلًا فقال: يقطع نهاره بالمُنى ويتوسد ذراع الهم إذا أمسى. وذم أعرابي رجلًا فقال: ما قنع كميًا سيفًا ولا قرى يومًا ضيفًا ولا حمدنا له شتاء ولا صيفًا. وقال أعرابي لامرأته: أقام الله ناعيك وأشمت عاديك. وذم أعرابي رجلًا فقال: عليه كل يوم قسامة من فعله تشهد عليه بفسقه، وشهادات الأفعال أعدل من شهادات الرجال. وذم أعرابي رجلًا فقال: تسهر زوجته جوعًا إذا نام شبعًا، ولا يخاف عاجل عارٍ ولا آجل نار، كالبهيمة أكلت ما جمعت ونكحت ما وجدت. وذم أعرابي رجلًا فقال: ذاك أعيا ما يكون عند الناس أبلغ ما يكون عند نفسه. ولام أعرابي رجلًا فقال: تقطع أخاك لأبيك وأمك! فقال: إني لأقطع الفاسد من جسدي وهو أقرب إلي من أخي وأعز فقدًا منه. وذم أعرابي قومًا فقال: يا قوم لا تسكنوا إلى حلاوة ما يجري من القول على ألسنة بني فلان، وأنتم ترون الدماء تسيل من أفعالهم، قد جعلوا المعاذير ستورًا والعلل حجبًا. وذم أعرابي رجلًا فقال: إذا سأل ألحف وإذا سُئل سوّف، يحسد أن يفضَّل ويزهد أن يفضِّل. وذم أعرابي رجلًا فقال: يكاد أن يعدي بلؤمه من تسمى باسمه. وذم أعرابي رجلًا فقال: تعدو إليه مواكب الضلالة وترجع من عنده بهلاك الأنام، معِدمٌ مما يحب مثرٍ مما يكره. وقال أعرابي لرجل: والله ما جفانكم بعظام ولا أجسامكم بوسام ولا بدت لكم نار ولا طلبتم بثار.

1 / 125