Mafhumka Manhajka Cilmi
مفهوم المنهج العلمي
Noocyada
كلفظ يعني «الطريق والطريقة»، فإن المنهج كمصطلح في أشد معانيه عمومية يعني طريقة تحقيق الهدف، والطريق المحدد لتنظيم الجهد والنشاط.
واللافت حقا هو دور كبير لعبه «المنهج»، كمفهوم وكمصطلح في تراثنا، أو بالأحرى دور لعبه تراثنا في مضمار المنهج والمنهجية، وبالوقوف على هذا نخرج بأساس لنظرة أكثر شمولا وإطلالة على التاريخ المعرفي لمفهوم المنهج، في التراث العربي، وفي التراث الغربي؛ أي لدن الأنا ولدن الآخر. (2) مفهوم المنهج في التراث الإسلامي
لم يغب عن أعلام التراث الإسلامي في عصره الذهبي، أن طريق البحث والمعرفة على رأس الطرق طرا؛ فورد مفهوم «المنهج» كمصطلح؛ أي كطريق للبحث والنظر والعمل. وجاء في «كشاف اصطلاحات الفنون» للتهانوي ليعني: «ما يكون في حد ذاته آلة لتحصيل غيره، ولا بد أن يكون متعلقا بكيفية تحصيله، فهو متعلق بكيفية عمل.»
12
وتصدر مصطلح المنهج عناوين مصنفات عديدة رائدة في تراثنا، ونضرب مثالا بواحد من غلاة العقليين هو ابن رشد وكتابه «مناهج الأدلة في عقائد الملة»، وواحد من غلاة النقليين هو الإمام ابن تيمية، لنجد مثلا كتابه «منهج السنة النبوية في نقد كلام الشيعة القدرية» وسواهما. وليس الأمر مجرد ورود لفظة أو مصطلح؛ فقد شهدت الحضارة الإسلامية منذ بواكير نهضتها نشأة واعدة للمنهجية والفكر المنهجي والممنهج، وفي هذا أهم عوامل تفسير الدور المعرفي الناهض، الذي لعبته في مرحلتها التاريخية.
ولا مبالغة في القول إن أهم إنجازات تراثنا تأتت في مجال المنهج والإنجازات المنهجية. وبخلاف مناهج المتكلمين الجدلية، ومناهج الفلسفة الإسلامية الأفلاطونية المحدثة من ناحية، والبرهانية من الناحية الأخرى، ومناهج المتصوفة الذوقية العرفانية، ومن قبل ومن بعد مناهج العلوم الرياضية والتجريبية عند العرب، التي كانت المقدمة الشرطية المفضية منطقيا وتاريخيا وجغرافيا إلى مرحلة العلم الحديث في أوروبا، بخلاف كل هذا الرصيد المنهجي يتقدم علم أصول الفقه بموقعه الفريد في منظومة علومنا النقلية/العقلية، لنجده في جوهره لا يعدو أن يكون علما لمناهج البحث.
كان موضوع هذا العلم رسم الطريق المؤدي إلى معرفة الأحكام الشرعية من الأدلة التي نصبها الشارع؛ أي منهج استنباط الأحكام الشرعية، فأخرج مدرسة كبرى في منهجية الاستنباط، تجعل علم أصول الفقه يتقدم كعلم منهجي بامتياز، يمثل في تراثنا جذرا للعقلية المنهجية ذاتها، وأصول روحها المنبثة في أعطاف حضارة، أنتجت تلك المناهج العلمية وممارساتها.
13
وعن طريق بحث واستخلاص الآليات والقواعد والسبل الاستدلالية التي انطوى عليها وأسس لها علم أصول الفقه، يكشف هذا العلم عن منهجيات مقننة، استنباطية وتجريبية واختبارية نقدية، تشهد بتوطن الروح المنهجية في ثقافتنا؛ هذا بخلاف المناهج الفرعية التي قام بصياغتها، أو بنقلها من العلوم الأخرى أو بتشغيلها وتطويرها، من قبيل الكلام على التواتر والآحاد، والقراءة الشاذة وحكمها، والأحوال الراجعة إلى متن الحديث أو طريقه، والجرح والتعديل، والناسخ والمنسوخ ... إنها تعطينا تمثيلات لمناهج بحث وطرق استدلالية دقيقة، وتبقى واسطة العقد المنهجي فيما أسماه الأصوليون مناهج الاستدلال على العلة، فضلا عن المنهجية الاختبارية في «السبر والتقسيم» وفي مبحث القوادح، والألية التقنينية في تقسيمات الأحكام ... إلخ. على الإجمال يكشف علم أصول الفقه كما يقول حسن حنفي عن «قدرة العقل الإسلامي على تحويل الدين إلى علم، والوحي إلى منطق، والنص إلى منهج».
14
Bog aan la aqoon