98

Mafhum al-Hikmah fi al-Da'wah ila Allah Ta'ala fi Daw' al-Kitab wa al-Sunnah

مفهوم الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة

Daabacaha

مطبعة سفير

Goobta Daabacaadda

الرياض

Noocyada

وإذا أراد الداعية أن يكتسب الحكمة من التجارب، فلابد له - لإصلاح المتدينين وتوجيههم - أن يعيش معهم في مساجدهم، ومجتمعاتهم، ومجالسهم، وإذا أراد إصلاح الفلاحين والعمال عاش معهم في قراهم ومصانعهم، وإذا أراد أن يصلح المعاملات التجارية بين الناس، فعليه أن يختلط بهم في أسواقهم، ومتاجرهم، وأنديتهم، ومجالسهم، وإذا أراد أن يصلح الأوضاع السياسية، فعليه أن يختلط بالسياسيين، ويتعرف إلى تنظيماتهم، ويستمع لخطبهم، ويقرأ لهم برامجهم، ثم يتعرف إلى البيئة التي يعيشون فيها، والثقافة التي حصلوا عليها، والاتجاه الذي يندفعون نحوه؛ ليعرف كيف يخاطبهم بما لا تنفر منه نفوسهم، وكيف يسلك في إصلاحهم بما لا يدعوهم إلى محاربته عن كره نفس واندفاع عاطفي، فيحرم نفسه من الدعوة إلى اللَّه، ويحرم الناس من علمه (١)، وهذا يؤهله إلى أن يُحدِّثَ الناس بما يعرفون، ولا يحدثهم حديثًا لا تبلغه عقولهم، قال علي ﵁: «حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يُكذَّبَ اللَّه ورسوله» (٢).
وقال ابن مسعود ﵁: «ما أنت بِمُحدِّثٍ قومًا حديثًا لا تبلغه

(١) انظر: السيرة النبوية دروس وعبر، للدكتور مصطفى السباعي، ص٤١، والرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة، لعبد الرحمن السعدي، ص٨٨.
(٢) البخاري مع الفتح، كتاب العلم، باب من خص بالعلم قومًا دون قوم كراهية أن لا يفهموا، ١/ ٢٢٥.

1 / 99