37

Mafhum al-Hikmah fi al-Da'wah ila Allah Ta'ala fi Daw' al-Kitab wa al-Sunnah

مفهوم الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة

Daabacaha

مطبعة سفير

Goobta Daabacaadda

الرياض

Noocyada

جبلني عليهما؟ قال: «بل اللَّه جبلك عليهما»، قال: الحمد للَّه الذي جبلني على خلقين يحبهما اللَّه ورسوله (١). وسبب قول النبي ﷺ ذلك للأشج ما جاء في حديث الوفد أنهم لما وصلوا المدينة بادروا إلى النبي ﷺ، وأقام الأشج عند رحالهم، فجمعها، وعقل ناقته، ولبس أحسن ثيابه، ثم أقبل إلى النبي ﷺ فقربه النبي ﷺ وأجلسه إلى جانبه، ثم قال لهم النبي ﷺ: «تبايعونِ على أنفسكم وقومكم؟» فقال القوم: نعم، فقال الأشج: يا رسول اللَّه، إنك لم تزاول الرجل على شيء أشد عليه من دينه، نبايعك على أنفسنا، ونرسل من يدعوهم، فمن اتبعنا كان منا، ومن أبى قاتلناه، قال: «صدقت، إن فيك خصلتين ...» الحديث. فالأناة: تربصه حتى نظر في مصالحه، ولم يعجل، والحلم: هذا القول الذي قاله، الدال على صحة عقله، وجودة نظره للعواقب ... (٢). ومما يؤكد أن الحلم من أعظم أركان الحكمة ودعائمها العظام: أنه خلق عظيم من أخلاق النبوة والرسالة، فالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - هم عظماء البشر، وقدوة أتباعهم من الدعاة إلى اللَّه والصالحين في الأخلاق المحمودة كافة.

(١) أبو داود، في الأدب، باب في قبلة الرِّجْل، ٤/ ٣٥٧، (رقم ٥٢٢٥)، وأحمد، ٤/ ٢٠٦، ٣/ ٢٣. (٢) شرح النووي على مسلم، ١/ ١٨٩، وتحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، ٦/ ١٥٢.

1 / 38