قلنا: لأن الرجل كان مسلمًا مقرًا برسالته؛ لأنه لو لم يكن مسلمًا، لم يسأل النبي شيئًا، ولم يصدقه فيما قال، فلما قبل ما قال له النبيُّ ﵇ في هذا الحديث عُلِمَ أنه كان مسلمًا.
فإن قيل: لو كان مسلمًا، فلم قال له النبي ﵇: "لا تشرك بالله شيئًا"؟
قلنا: إنما قال له النبي ﵇ هذا إما ليحترزَ عن الرياء في العبادة، أو ليحترز عما قالت اليهود والنصارى من قولهم: عزيرٌ ابن الله، والمسيح ابن الله، وما أشبه ذلك.
"وتقيم الصلاة المكتوبة"؛ أي: المفروضة؛ يعني: وتؤدي الصلوات الخمس التي فرضها الله تعالى على عباده.
"وتؤدي الزكاة المفروضة"، وقيدُ (المفروضة) ها هنا احترازٌ عن صدقة التطوع؛ لأن الزكاة تُطلَق على إعطاء المال على سبيل التبرع.
"ولَّى"؛ أي: أدبر وذهب.
"سره"؛ أي: فرَّحه؛ أي: من أراد "أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا" الرجل، فإنه من أهل الجنة.
اعلم أن أصحاب الحديث قالوا: هذا الحديث والحديث الذي يرويه طلحةُ بن عبيد الله واحد، ولكن عبارات الرواة فيه مختلفة، فنذكر هذا الحديث برواية طلحة بن عبيد الله عقيب هذا الحديث، وإن كان في بعضِ نسخ "المصابيح" هو مكتوبٌ بعد حديث سفيان الثقفي، وإنما نذكر حديث طلحة بن عبيد الله عقيبَ هذا؛ لأنا قد قلنا: هما حديث واحد، فنذكر شرح ألفاظ ما في رواية طلحة، ثم نذكر ما في الروايتين من السؤال والجواب.
وحديث طلحة:
* * *