157

ويفضل صيامه فضلا كثيرا وقد روى عن الصادق (عليه السلام) ان من صام اول يوم من شعبان وجبت له الجنة البتة، وقد روى السيد ابن طاووس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اجرا جزيلا لمن صام ثلاثة أيام من هذا الشهر يصلي في لياليها ركعتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وسورة التوحيد احدى عشرة مرة، واعلم انه قد ورد في تفسير الامام (عليه السلام) رواية في فضل شعبان وفضل اليوم الاول منه تشتمل على فوائد جمة، وشيخنا ثقة الاسلام النوري نور الله مرقده قد أورد ترجمتها في نهاية كتابه الفارسي (كلمه طيبه) والرواية مبسوطة لا يسعها المقام، وملخصها ان امير المؤمنين (عليه السلام) قد مر على قوم من أخلاط المسلمين وهم قعود في بعض المساجد في أول يوم من شعبان، وهم يخوضون في أمر القدر وغيره، قد ارتفعت أصواتهم واشتد فيه محكمهم وجدالهم، فوقف عليهم وسلم فردوا عليه وأوسعوا له وقاموا اليه يسألونه القعود عليهم، فلم يحفل بهم ثم قال لهم وناداهم : يا معاشر المتكلمين فيما لا يعنيهم ولا يرد عليهم، ألم تعلموا ان لله عبادا قد أسكتهم خشية من غير عي ولا بكم، ولكنهم اذا ذكروا عظمة الله انكسرت ألسنتهم وانقطعت أفئدتهم وطاشت عقولهم، وحامت حلومهم اعزازا لله واعظاما واجلالا، فاذا أفاقوا من ذلك استبقوا الى الله بالاعمال الزاكية، يعدون أنفسهم مع الظالمين والخاطئين وانهم براء من المقصرين ومن المفرطين، ألا انهم لا يرضون لله بالقليل، ولا يستكثرون لله الكثير، فهم يدأبون له في الاعمال، فهم اذا رأيتهم قائمون للعبادة مروعون خائفون مشفقون وجلون، فأين أنتم منهم يا معشر المبتدعين، أما علمتهم ان أعلم الناس بالقدر أسكتهم عنه، وان أجهلهم به اكثرهم كلاما فيه، يا معشر المبتدعين هذا يوم غرة شعبان الكريم سماه ربنا شعبان لتشعب الخيرات فيه، قد فتح ربكم فيه أبواب جنانه، وعرض عليكم قصورها وخيراتها بأرخص الاثمان، وأسهل الامور ، فاشتروها، وعرض لكم ابليس اللعين شعب شروره وبلاياه، فأنتم دائبا تتيهون في الغي والطغيان، تمسكون بشعب ابليس وتحيدون عن شعب الخير المفتوح لكم أبوابه، هذه غرة شعبان وشعب خيراته الصلاة والزكاة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وبر الوالدين والقرابات والجيران واصلاح ذات البين والصدقة على الفقراء والمساكين، تتكلفون ما قد وضع عنكم (أي أمر القدر) وما قد نهيتم عن الخوض فيه من كشف سراير الله التي من فتش عنها كان من الهالكين، أما انكم لو وقفتم على ما قد أعد ربنا عزوجل للمطيعين من عباده في هذا اليوم لقصرتم عما أنتم فيه، وشرعتم فيما أمرتم به.

Bogga 246