============================================================
54م /مفاتيح الأسرار ومصابيح الأبرار المفتاح الثالث: المقروغ والمستأنف يشرح الشهرستاني في الفصل العاشر من مفاتيح الفرقان بعض مفاتيح الأسرار، ومنها المفروغ والمستأنف. لا نريد هنا أن نشرح هذا المصطلح فقد أوضحه الشهرستاني في الفصل المذكور كما أوضحه في مجلسه المنعقد بخوارزم باللغة الفارسية1، بل نكتفي بالقول: إن الشهرستاني يرى أن في الكون عالمين وحكمين: عالما كاملا منتهيا هو المفروغ، وعالما ناقصا متجها نحو الكمال هو عالم المستأنف؛ وأولئك الذين خالوا أن العالم كيله مفروع وقعوا في الجبر، والذين ظنوا أن العالم بأجمعه مستأنف انحرفوا إلى القدرية والتفويض؛ وليس الأمر هذا ولا ذاك وإنما هو أمر بين أمرين.
بعض الآيات القرانية والمفاهيم الكونية التي توحي معنى الجبر يفسرها الشهرستانيى على أنها من مقولات عالم المفروغ، والتي تفيد معنى التفويض يفسرها على أنها من عالم المستأنف.
والشهرستاني بهذا المفتاح يحل مشكلة كبرى في الفكر الاسلامي ترتبط بالجبر والتفويض، وهي التي انقسم فيها الآشاعرة والمعتزلة؛ وصاحبنا يرد على المعتزلة في كتابه هاية الإقدام2 على أساس المدرسة الأشعرية غير أنه هنا يرد على الأشاعرة والمعتزلة استنادا إلى نظرية المفروغ والمستأنف.
يقول على سبيل المثال في بيان نسبة الهداية والإضلال إلى الله -سبحانه وتعالى -: "قال المهتدون الهادون إلى صراط الله: إن من لم يبصر الحكمين ولم ير حكم الكونين (المقصود كون المفروغ وكون المستأنف) ضل في كل مسألة حتى في الإضلال والهداية المضافين إلى اله تعالى وإلى القرآن وإلى ضرب الأمثال في الكتاب وإلى الرسل وإلى العقول؛ وكذلك العموم والخصوص في الهداية والاضلال؛ وكذلك ما هو واقع في القدر بالمقصود والذات، وما هو واقع بالتبع والعرض، وما هو معلل بعلة، وما هو غير معلل. ثم الحاكم بهذه الأحكام حاكم الشريعة حتى يطلب التسليم فقط من غير طلب العلة في كل شيء أو حاكم القيامة حتى يطلب البصيرة وبطلب العلة في كل شيء؛ وهذه أمور لايهتدي إلى أبوابها إلا الهادون 2. انظر : نهاية الاقدام 68- 89.
1. راجع ترجمة المجلس في الملحق.
ليتهنل
Bogga 54