321

============================================================

قير سورة البقرة /255 فعلا وسجية؛ وذلك مبلغ علمهم فيهم؛ فقال الله تعالى: (إني أعلم مالاتغلمون)، فكسر عليهم إعجابهم بعلم الغيب بعلم اخر محيط بعلمهم ولايعلمون، وكلفوا الصبر على ما لايعلمون، والنسليم لما لايعرفون؛ وذلك من أسبق التكاليف على الخليقة، وأرفع الدرجات في الحقيقة: الصبر على مالايعلم حتى يعلم، والتسليم لما لايعرف حتى يعرف، والاتباع ق بل الهداية والبصيرة بعد التقليد: (وكيف تصبر على مالم تحط به خيرأم (فإن اتبغتني فلا تشألني عن شيء حتى أخدث لك منه ذكرأم، (اتبعون أفدكم*، (فاتبغني أفدك).

(واتبغوه لعلكم تهتدون). كل ذلك من الطراز الأول والحكم الأقدم؛ وذلك من أحكام المفروغ في المستأنف، والبصيرة في التقليد، والهداية في الاتباع، والعلم في التسليم؛ وقد جعل الله تعالى قصة آدم والملائكة - عليهم السلام - علما ودليلا ودستورا وظهيرا على ذلك وهي جارية في الزمان الآخر على حسب ما جرى في الزمان الأول.

وسر آخر: أن الملائكة -عليهم اللام - لما رأوا خلقة آدم -عليه السلام -من الماء والتراب وهو الطين، ومازجهما الهواء والنار حتى صار صلصالا كالفخار، والأركان مزدوجة ومتضادة، فاتنان منها فاعلان واثنان منفعلان وذلك هو الازدواج، واثنان منها متنافران وذلك هو التضاد، وعلموا أن النفس الشهوية مصدرها الازدواج، ومظهرها الفساد، وأن النفس ل الغضبية مصدرها التضاد، ومظهرها سفك الدماء، (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويشفك الدماء) ولم يقفوا على النفس الإنسانية القابلة للعلم [و] على سبيل التعلم بواسطة السمع المؤدية للعلم [و] على سبيل التعليم بواسطة النطق؛ فقال الله تعالى: (إني أغلم ما لاتغلمون) وعقب ذلك بتعليم آدم الأسماء كلها: وأن الملائكة لما أخبروا عن أنفسهم بالتسبيح والتقديس: (و نخن نسبح بحندك ونقدس لك)، عابوا آدم بوصفين، ومدحوا انفسهم بوصفين؛ وكان نظرهم في طينة ادم -عليه اللام - -110آ- أنها منشأ الفساد وسفك الدماء، ونظرهم في جواهرهم أنها منشأ التسبيح والتقديس، إذ لا ازدواج فيها فتولد نفسا شهوية، ولا تضاد فيها فتولد نفسا غضبية، بل لا يصدر عنها إلا محض التسبيح والتقديس، ظرا مستقيما1، لكن الله تعالى بين لهم ان فوق نظرهم نظرا أقوم منه، وأن وراء عقولهم 1. خير "كان نظرهم").

ليتهنل

Bogga 321