313

============================================================

تفير سورة البقرة /247 اشارة إلى النوع في حكم شخص واحد؛ فلاينبغي أن يغفل عن العموم والخصوص في هذا الموضع وأن الله تعالى خلق العالم لأجل شخص واحد، وفي حقه قال: "لولاك لما خلقت الكون" وسر آخر: أنه ذكر العلة الكمالية فيما خلق في الأرض، وذكر العلة المادية في خلق السماء، وذكر العلة الفاعلية -1106- في الخلق والتسوية، وذكر العلة الصورية في جميع ما خلق وسوى. فقوله: (خلق لكم ما في الأزض جميعا) إشارة إلى العلة الكمالية؛ وقوله: ثم اشتوى إلى السماء وهي ذخان) إشارة إلى العلة المادية، وقوله: (فسواهن) إشارة الى العلة الفاعلية، وقوله: (سبع سموات) إشارة إلى العلة الصورية. فجميع ما ذكر في كتب الفلاسفة من الحكمة فهو مذكور في هذه الكلمات وغاية الغايات وهو بكل شيء عليم.

وسر آخر: أن الخلق والتسوية مقترنان في جميع القرآن كما أن الهداية والتقدير مقترنان.

قال تعالى: (الذي غلق فسوى والذي قدر فهدى). وقال: (الذي خلقك فسواك) وهاهنا قال: (خلق لكم) ثم قال: (فسواهن)، فخص الخلق بما في الأرض، وخص التسوية بالسماء؛ والخلق أصله التقدير في اللغة؛ فنسبة التسوية إلى الخلق كنسبة الهداية الى التقدير، وربما يكون الخلق سابقا على التقدير: (وخلق كل شيء فقدره تقديرا)، وربما يكون القدر سابقأ على الخلق: (إناكل شيء خلقناء بقدر).

وبالفارسية: الخلق: "افريدن"، الخلق: "ساختن"، الخلق: "فراساختن". فالأول إشارة الى الايجاد والابداع، وربما يستدعي ذلك مادة وزمانا، وربما لايستدعي. فالذي لا يستدعي مادة منها خلق هو إبداع محض، كإبداع القلم واللوح أو إبداع العقل الأول: لا فلايستدعي شيئا سبق وجوده منه خلق، وإنما السابق عليه أمر البارى تعالى، لا على أنه مادة له ولا أنه في زمان معه؛ وأما إبداع النفس أو الروح فلا يستدعي أيضا مادة منها خلق، لكنه يستدعي زمانا هو الدهر؛ إذ خلق بعد العقل، والذي يستدعي زمانا ومادة فهو سائر الموجودات كالأرض من زبد الماء، والسماء من دخان الماء، والماء من الجوهر الأول الذي نظر إليها نظر الهيبة، فأذابها1؛ وذلك هو العنصر الأول؛ وما روي أن أول ما خلق الله تعالى 1. في الأصل: فذابها.

ليتهنل

Bogga 313