============================================================
نفبر سورة البقرة 297 وسر آخر: أن المتكلمين ذكروا أن صدق النبي لايثبت إلا بالمعجزة، وأن المعجزة لا حقيقتها وحدها أنها فعل من الله، خارق للعادة، خارج عن قدرة البشر، مقرون بالتحدي، سليم عن المعارضة؛ فإن لم تجتمع هذه الأركان الأربعة لم ينبت كونها معجزة؛ وانت تعلم أن الخارق للعادة يتوقف معرفة كونه خارقا للعادة إذا تحقق استقراء العادات كلها، وأن معرفة كونه خارجا عن قدرة البشر يتوقف على استقراء قدرة البشر كلهم، وأن اقترانه بالتحدي يوجب على الله تعالى إبداعه في وقت التحدي، وأن السلامة عن المعارضة توقف على العرض على جميع أصناف البشر. فعلى هذا الحد الذي ذكره المتكلم لن يتحقق قط صدق نبي، ولايلزم بقوله ب92 ب - حجة على مدعو، واين قولهم وفكرهم وعقلهم من تحقيق معجزات الأنبياء - عليهم السلام -4! واين هم من رؤية المعجزات في جميع حركاتهم القولية والفعلية؟! فإن حركات الإنسان معجزات الحيوان، وكذلك معجزات الأنبياء فإن حركاتهم معجزات الانسان.
وسر آخر: أن المتكلمين اختلفوا في أن القرآن معجز من أي وجه. فقال بعضهم: من وجه النظم؛ وقال بعض: من جهة البلاغة والجزالة والفصاحة: وقال بعض: صرف الدواعى؛ وقال بعض من جهة الاخبار عن الغيوب: وكل واحد ينفي قول الآخر حتى يثبت اختياره؛ وأنت تعلم أن وجه الاعجاز يجب أن يكون مجمعا عليه حتى تتحقق الدعوى بتلك الجهة : فيتحقق العجز عن تلك الجهة؛ وإذاكان جائزا عند كل واحد منهم أن يكون الوجه الذي يدعيه خصمه مقدور البشر فلم يتحقق الاتفاق على وجه الإعجاز، بل على أصل الإعجاز.
فيجب أن يقولوا: نعلم بالحجة أن القرآن معجز بالجملة ولم يتحقق لنا وجه إعجازه، بل قول: إن الاعجاز فيه من جميع وجوهه نظمأ وبلاغة وفصاحة وجزالة لامن وجه دون وجه؛ وكما أن النطق للانسان معجز الحيوان من جميع وجوه النطق بترتيب الحروف والأصوات وتركيب الكلمات واشتمالها على الإرشاد والاسترشاد والآداء والقبول والموعظة والجدال والخبر والاستخبار والوعد والوعيد وغبر ذلك من اقسام الكلام، كذلك القران معجز الانسان بترتيب الآيات ونظم الكلمات وفصاحة القول وجزالة اللفظ وبلاغة المعنى والهداية إلى صواب القول وصلاح العمل وسداد الفكرة والتعبير عن الفطرة؛ ومن كان ليتهنل
Bogga 283