256

============================================================

1190مفاتيح الأسرار ومصابيح الأبرار والقبول والاعانة: سمع الله لمن حمده، أي أجاب؛ وفلان لايسمع ما يقال له، أي لايقبل: ل ويقال: سمعأ وطاعة -80آ-، قال الله: (ولو أنهم قالوا سمغنا وأطعنا): والصمم المذكور في هذه الآية يجوز أن يراد به ما ينافي السمع الذي هو الفهم وانشراح الصدر ، ويجوز أن يراد به ما ينافي القبول. ثم الذم إنما لحقهم لانصمامهم وإعراضهم؛ والعرب تسميا من يكره سماع شيء ويستثقله أصم، لأنه في ذلك كالأصم الذي لاحاسة له؛ وقال قائلون: انما لحقهم الذم لعدم انتفاعهم بسماع القرآن؛ وإنما لم ينتفعوا به لأن الله أذهب نورهم وتركهم في ظلمات، وختم على سمعهم وجعل على ابصارهم غشاوة؛ والوجهان متقاربان في المعنى إلا أن القدر على الوجه الأول أغلب، والجبر على الشاني أغلب. وقال المتوسطون: إنهم لو تدبروا وحسنت نيتهم في طلب الحق لأدركوه وانتفعوا به إلا أنهم حرموا ذلك وأخطأوا الصواب، فضلوا وأدركتهم الشقاوة؛ فلم ينتفع أحدهم بالحواس التي خلقت لأجل الاستماع والاستبصار؛ فلم تنفتح أسماعهم وعيونهم لادراك الحق، ولم تتجمع هممهم لطلبه، قال تعالى: (ولو علم الله فيهم خيرا لأشمعهم)؛ وقال سيد البشر: "اعملوا؛ فكل ميسر لما خلق له"(466) وقال: "خلق الجنة وخلق لها أهلا" وقال: "إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله بعمل أهل الجتة"(467) الحديث، وقال في دعائه: "أعوذ بك هنك.) الأسرار هذا الذي ذكره أهل التفسير وأهل المعاني نحوهم على قاعدة الكونين والحكمين ، لكنهم ربما يميلون إلى جانب القدر وربما يميلون إلى جانب الجبر؛ وليس لآحد منهم قدرة على تقرير الحكمين معأ، وبيان المفروغ والمستأنف حكمين متمايزين تارة، وبيان رؤية أحدهما في الثاني أخرى؛ وذلك من أسرار النبوة، ومفاتيح الغيب، وعلم باب العلم، ومن عنده علم الكتناب.

ولماكانت الآيات في تقرير حال المنافقين وتمتيل افعالهم بفعل من استوقد نارا بيستدفئ بها نفسه وببصر بها غيره، وكانت النار مما يطلب منه الغرضان، كذلك الاسلام ليتهنل

Bogga 256