50

Mafatih al-Ghayb

مفاتيح الغيب

Daabacaha

دار إحياء التراث العربي

Lambarka Daabacaadda

الثالثة

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٠ هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Fasiraadda
عَنْ هَذَا الدَّلِيلِ فِي جَوَازِ الْقِرَاءَةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَوَجَبَ أَنْ تَبْقَى قِرَاءَتُهَا فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَصْلِ الْمَنْعِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: اتَّفَقَ الْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ الْقِرَاءَاتِ الْمَشْهُورَةَ مَنْقُولَةٌ بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ وَفِيهِ إِشْكَالٌ: وَذَلِكَ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذِهِ الْقِرَاءَاتُ الْمَشْهُورَةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مَنْقُولَةً بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ أَوْ لَا تَكُونُ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَحِينَئِذٍ قَدْ ثَبَتَ بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ خَيَّرَ الْمُكَلَّفِينَ بَيْنَ هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ وَسَوَّى بَيْنَهَا فِي الْجَوَازِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ تَرْجِيحُ بَعْضِهَا عَلَى الْبَعْضِ وَاقِعًا عَلَى خِلَافِ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالتَّوَاتُرِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الذَّاهِبُونَ إِلَى تَرْجِيحِ الْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ مُسْتَوْجِبِينَ لِلتَّفْسِيقِ إِنْ لَمْ يَلْزَمْهُمُ التَّكْفِيرُ، لَكِنَّا نَرَى أَنْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقُرَّاءِ يَخْتَصُّ بِنَوْعٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الْقِرَاءَةِ، وَيَحْمِلُ النَّاسَ عَلَيْهَا وَيَمْنَعُهُمْ مِنْ غَيْرِهَا، فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَ فِي حَقِّهِمْ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَأَمَّا إِنْ قُلْنَا إِنَّ هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ مَا ثَبَتَتْ بِالتَّوَاتُرِ بَلْ بِطَرِيقِ الْآحَادِ فَحِينَئِذٍ يَخْرُجُ الْقُرْآنُ عَنْ كَوْنِهِ مُفِيدًا لِلْجَزْمِ وَالْقَطْعِ وَالْيَقِينِ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يُجِيبَ عَنْهُ فَيَقُولَ: بَعْضُهَا مُتَوَاتِرٌ، وَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْأُمَّةِ فِيهِ، وَتَجْوِيزُ الْقِرَاءَةِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَبَعْضُهَا مِنْ بَابِ الْآحَادِ وَكَوْنُ بَعْضِ الْقِرَاءَاتِ مِنْ بَابِ الْآحَادِ لَا يَقْتَضِي خُرُوجَ الْقُرْآنِ بِكُلِّيَّتِهِ عَنْ كَوْنِهِ قَطْعِيًّا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمَبَاحِثِ الْعَقْلِيَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنْ قَوْلِنَا: (أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) اعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي هَذَا الْبَابِ يَتَعَلَّقُ بِأَرْكَانٍ خَمْسَةٍ: الِاسْتِعَاذَةُ، وَالْمُسْتَعِيذُ، وَالْمُسْتَعَاذُ بِهِ، وَالْمُسْتَعَاذُ مِنْهُ، وَالشَّيْءُ الَّذِي لِأَجْلِهِ تَحْصُلُ الِاسْتِعَاذَةُ. الرُّكْنُ الأول: في الاستعاذة، وفيه مسائل: - تفسير الاستعاذة: المسألة الأولى [تفسير الاستعاذة]: فِي تَفْسِيرِ قَوْلِنَا: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» بِحَسَبِ اللُّغَةِ فَنَقُولُ: قَوْلُهُ: «أَعُوذُ» مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَوْذِ، وَلَهُ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا: الِالْتِجَاءُ وَالِاسْتِجَارَةُ، وَالثَّانِي: الِالْتِصَاقُ يُقَالُ: «أَطْيَبُ اللَّحْمِ عَوَذُهُ» وَهُوَ مَا الْتَصَقَ مِنْهُ بِالْعَظْمِ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مَعْنَى قَوْلِهِ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَيْ: أَلْتَجِئُ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِصْمَتِهِ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي مَعْنَاهُ أَلْتَصِقُ نَفْسِي بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ. وَأَمَّا الشَّيْطَانُ فَفِيهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الشَّطَنِ، وَهُوَ الْبُعْدُ، يُقَالُ: شَطَنَ دَارُكَ أَيْ بَعُدَ، فَلَا جَرَمَ سُمِّيَ كُلُّ مُتَمَرِّدٍ مِنْ جِنٍّ وَإِنْسٍ وَدَابَّةٍ شَيْطَانًا لِبُعْدِهِ مِنَ الرَّشَادِ وَالسَّدَادِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ [الْأَنْعَامِ: ١١٢] فَجَعَلَ مِنَ الْإِنْسِ شَيَاطِينَ، وَرَكِبَ عُمَرُ بِرْذَوْنًا فَطَفِقَ يَتَبَخْتَرُ بِهِ فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ فَلَا يَزْدَادُ إِلَّا تَبَخْتُرًا فَنَزَلَ عَنْهُ وَقَالَ: مَا حَمَلْتُمُونِي إِلَّا عَلَى شَيْطَانٍ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ الشَّيْطَانَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ شَاطَ يَشِيطُ إِذَا بَطَلَ، وَلَمَّا كَانَ كُلُّ مُتَمَرِّدٍ كَالْبَاطِلِ فِي نَفْسِهِ بِسَبَبِ كَوْنِهِ مُبْطِلًا لِوُجُوهِ مَصَالِحِ نَفْسِهِ سُمِّيَ شَيْطَانًا.

1 / 70