43

Mafatih al-Ghayb

مفاتيح الغيب

Daabacaha

دار إحياء التراث العربي

Lambarka Daabacaadda

الثالثة

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٠ هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Fasiraadda
الباب السابع في إعراب الفعل إِعْرَابِ الْفِعْلِ: اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: (أَعُوذُ) يَقْتَضِي إِسْنَادَ الْفِعْلِ إِلَى الْفَاعِلِ، فَوَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نَبْحَثَ عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إِذَا قُلْنَا فِي النَّحْوِ فِعْلٌ وَفَاعِلٌ، فَلَا نُرِيدُ بِهِ مَا يَذْكُرُهُ عُلَمَاءُ الْأُصُولِ لِأَنَّا نَقُولُ: «مَاتَ زَيْدٌ» وَهُوَ لَمْ يَفْعَلْ، وَنَقُولُ مِنْ طَرِيقِ النَّحْوِ: مَاتَ فِعْلٌ، وَزَيْدٌ فَاعِلُهُ، بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ الْفِعْلَ لَفْظَةٌ مُفْرَدَةٌ دَالَّةٌ عَلَى حُصُولِ الْمَصْدَرِ لِشَيْءٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فِي زَمَانٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، فَإِذَا صَرَّحْنَا بِذَلِكَ الشَّيْءِ الَّذِي حَصَلَ الْمَصْدَرُ لَهُ فَذَاكَ هُوَ الْفَاعِلُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَنَا حَصَلَ الْمَصْدَرُ لَهُ أَعَمُّ مِنْ قولنا حصل بإيجاده واختياره كقولنا قام، أولا بِاخْتِيَارِهِ كَقَوْلِنَا مَاتَ، فَإِنْ قَالُوا: الْفِعْلُ كَمَا يَحْصُلُ فِي الْفَاعِلِ فَقَدْ يَحْصُلُ فِي الْمَفْعُولِ، قُلْنَا: إِنَّ صِيغَةَ الْفِعْلِ مِنْ حَيْثُ هِيَ تَقْتَضِي حُصُولَ ذَلِكَ الْمَصْدَرِ لِشَيْءٍ مَا هُوَ الْفَاعِلُ، وَلَا تَقْتَضِي حُصُولَهُ لِلْمَفْعُولِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الأفعال اللازمة غنية عن المفعول. وجوب تقديم الفعل: المسألة الثانية [وجوب تقديم الفعل]: الْفِعْلُ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْفَاعِلِ، لِأَنَّ الْفِعْلَ- إِثْبَاتًا كَانَ أَوْ نَفْيًا يَقْتَضِي أَمْرًا مَا يَكُونُ هُوَ مُسْنَدًا إِلَيْهِ، فَحُصُولُ مَاهِيَّةِ الْفِعْلِ فِي الذِّهْنِ يَسْتَلْزِمُ حُصُولَ شَيْءٍ يُسْنِدُ الذِّهْنُ ذَلِكَ الْفِعْلَ إِلَيْهِ، وَالْمُنْتَقَلُ إِلَيْهِ مُتَأَخِّرٌ بِالرُّتْبَةِ عَنِ الْمُنْتَقَلِ عَنْهُ، فَلَمَّا وَجَبَ كَوْنُ الْفِعْلِ مُقَدَّمًا عَلَى الْفَاعِلِ فِي الذِّهْنِ وَجَبَ تَقَدُّمُهُ عَلَيْهِ فِي الذِّكْرِ، فَإِنْ قَالُوا: لَا نَجِدُ فِي الْعَقْلِ فَرْقًا بَيْنَ قَوْلِنَا: «ضَرَبَ زَيْدٌ» وَبَيْنَ قَوْلِنَا: «زَيْدٌ ضَرَبَ» قُلْنَا: الْفَرْقُ ظَاهِرٌ، لِأَنَّا إِذَا قُلْنَا زَيْدٌ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ وُقُوفِ الذِّهْنِ عَلَى مَعْنَى هَذَا اللَّفْظِ أَنْ يَحْكُمَ بِإِسْنَادِ مَعْنًى آخَرَ إِلَيْهِ، أَمَّا إِذَا فَهِمْنَا مَعْنَى لَفْظِ ضَرَبَ لَزِمَ مِنْهُ حُكْمُ الذِّهْنِ بِإِسْنَادِ هَذَا الْمَفْهُومِ إِلَى شَيْءٍ مَا، إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: إِذَا قُلْنَا: «ضَرَبَ زَيْدٌ» / فَقَدْ حَكَمَ الذِّهْنُ بِإِسْنَادِ مَفْهُومِ ضَرَبَ إِلَى شَيْءٍ، ثُمَّ يَحْكُمُ الذِّهْنُ بِأَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ هُوَ زَيْدٌ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، فَحِينَئِذٍ قَدْ أَخْبَرَ عَنْ زَيْدٍ بِأَنَّهُ هُوَ ذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي أَسْنَدَ الذِّهْنُ مَفْهُومَ ضَرَبَ إِلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ قَوْلُنَا: زَيْدٌ مُخْبَرًا عَنْهُ وَقَوْلُنَا ضَرَبَ جُمْلَةً مِنْ فِعْلٍ وَفَاعِلٍ وَقَعَتْ خَبَرًا عن ذلك المبتدأ. ارتباط الفعل بالفاعل: المسألة الثالثة [ارتباط الفعل بالفاعل]: قَالُوا: الْفَاعِلُ كَالْجُزْءِ مِنَ الْفِعْلِ، وَالْمَفْعُولُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَفِي تَقْرِيرِهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ قَالُوا ضَرَبْتُ فَأَسْكَنُوا لَامَ الْفِعْلِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ أَرْبَعُ مُتَحَرِّكَاتٍ، وَهُمْ يَحْتَرِزُونَ عَنْ تَوَالِيهَا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَمَّا بَقَرَةٌ فَإِنَّمَا احْتَمَلُوا ذَلِكَ فِيهَا لِأَنَّ التَّاءَ زَائِدَةٌ، وَاحْتَمَلُوا ذَلِكَ فِي الْمَفْعُولِ كَقَوْلِهِمْ ضَرَبَكَ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمُ اعْتَقَدُوا أَنَّ الْفَاعِلَ جُزْءٌ مِنَ الْفِعْلِ، وَأَنَّ الْمَفْعُولَ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ، الثَّانِي: أَنَّكَ تَقُولُ: الزَّيْدَانِ قَامَا أَظْهَرْتَ الضَّمِيرَ لِلْفَاعِلِ، وَكَذَلِكَ إِذَا قُلْتَ زَيْدٌ ضرب وجب أن يكون الفعل مسند إِلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَكِنِّ طَرْدًا لِلْبَابِ، وَالثَّالِثُ: وَهُوَ الْوَجْهُ الْعَقْلِيُّ- أَنَّ مَفْهُومَ قَوْلِكَ ضَرَبَ هُوَ أَنَّهُ حَصَلَ الضَّرْبُ لِشَيْءٍ مَا فِي زَمَانٍ مَضَى، فَذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي حَصَلَ لَهُ الضَّرْبُ جُزْءٌ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِكَ ضَرَبَ، فَثَبَتَ أَنَّ الفاعل جزء من الفعل.

1 / 63