Mafatih al-Ghayb
مفاتيح الغيب
Daabacaha
دار إحياء التراث العربي
Lambarka Daabacaadda
الثالثة
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٠ هـ
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
Fasiraadda
أَنَّ عُمَرَ قَالَ يَوْمَ السَّقِيفَةِ: كُنْتُ قَدْ زَوَّرْتُ فِي نَفْسِي كَلَامًا فَسَبَقَنِي إِلَيْهِ أَبُو بكر، وأما الشاعر فَقَوْلُ الْأَخْطَلِ: -
إِنَّ الْكَلَامَ لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا ... جعل اللسان على الفؤاد دليلا
وأما اللذين أَنْكَرُوا كَوْنَ الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالنَّفْسِ يُسَمَّى بِالْكَلَامِ فَقَدِ احْتَجُّوا عَلَيْهِ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يَنْطِقْ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِالْحُرُوفِ يُقَالُ إِنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ، وَأَيْضًا الْحِنْثُ وَالْبِرُّ يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: اسْمُ الْقَوْلِ وَالْكَلَامِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَعْنَى النَّفْسَانِيِّ وَبَيْنَ اللَّفْظِ اللِّسَانِيِّ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: هَذِهِ الْكَلِمَاتُ وَالْعِبَارَاتُ قَدْ تُسَمَّى أَحَادِيثَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ [الطور: ٣٤] وَالسَّبَبُ فِي هَذِهِ التَّسْمِيَةِ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ إِنَّمَا تَتَرَكَّبُ مِنَ الْحُرُوفِ الْمُتَعَاقِبَةِ الْمُتَوَالِيَةِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْحُرُوفِ يَحْدُثُ عَقِيبَ صَاحِبِهِ، فَلِهَذَا السَّبَبِ سُمِّيَتْ بِالْحَدِيثِ وَيُمْكِنُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ فِي هَذِهِ التَّسْمِيَةِ أَنَّ سَمَاعَهَا يُحْدِثُ فِي الْقُلُوبِ الْعُلُومَ وَالْمَعَانِيَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
المسألة العشرون: هاهنا أَلْفَاظٌ كَثِيرَةٌ، فَأَحَدُهَا: الْكَلِمَةُ، وَثَانِيهَا: الْكَلَامُ، وَثَالِثُهَا: الْقَوْلُ، وَرَابِعُهَا:
اللَّفْظُ، وَخَامِسُهَا: الْعِبَارَةُ، وَسَادِسُهَا: الْحَدِيثُ، وَقَدْ شَرَحْنَاهَا بِأَسْرِهَا، وَسَابِعُهَا: النُّطْقُ وَيَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ كَيْفِيَّةِ اشْتِقَاقِهِ، وَأَنَّهُ هَلْ هُوَ مُرَادِفٌ لِبَعْضِ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ مُبَايِنٌ لَهَا، وَبِتَقْدِيرِ حُصُولِ الْمُبَايَنَةِ فَمَا الْفَرْقُ.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: فِي حَدِّ الْكَلِمَةِ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي أَوَّلِ «الْمُفَصَّلِ»: الْكَلِمَةُ هِيَ اللَّفْظَةُ الدَّالَّةُ عَلَى مَعْنًى مُفْرَدٍ بِالْوَضْعِ. وَهَذَا التَّعْرِيفُ لَيْسَ بِجَيِّدٍ، لِأَنَّ صِيغَةَ الْمَاضِي كَلِمَةٌ مَعَ أَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى مَعْنًى مُفْرَدٍ بِالْوَضْعِ، فَهَذَا التَّعْرِيفُ غَلَطٌ، لِأَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى أَمْرَيْنِ: حَدَثٌ وَزَمَانٌ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي أَسْمَاءِ الْأَفْعَالِ، كَقَوْلِنَا: مَهْ، وَصَهْ، وَسَبَبُ الْغَلَطِ أَنَّهُ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ جَعْلُ الْمُفْرَدِ صِفَةً لِلَّفْظِ، فَغَلِطَ وَجَعَلَهُ صِفَةً للمعنى.
اللفظ مهمل ومستعمل وأقسامه:
المسألة الثانية والعشرون [اللفظ مهمل ومستعمل وأقسامه]: اللَّفْظُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُهْمَلًا، وَهُوَ مَعْلُومٌ، أَوْ مُسْتَعْمَلًا وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ لَا يَدُلَّ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْمَعَانِي أَلْبَتَّةَ، وَهَذَا/ هُوَ اللَّفْظُ الْمُفْرَدُ كَقَوْلِنَا فَرَسٌ وَجَمَلٌ، وَثَانِيهَا: أَنْ لَا يَدُلَّ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ عَلَى شَيْءٍ أَصْلًا حِينَ هُوَ جُزْؤُهُ أَمَّا بِاعْتِبَارٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ لِأَجْزَائِهِ دَلَالَةٌ عَلَى الْمَعَانِي، كَقَوْلِنَا: «عَبْدُ اللَّهِ» فَإِنَّا إِذَا اعْتَبَرْنَا هَذَا الْمَجْمُوعَ اسْمَ عَلَمٍ لَمْ يَحْصُلْ لِشَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ دَلَالَةٌ عَلَى شَيْءٍ أَصْلًا، أَمَّا إِذَا جَعَلْنَاهُ مُضَافًا وَمُضَافًا إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ جُزْأَيْهِ دَلَالَةٌ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ، وَهَذَا الْقِسْمُ نُسَمِّيهِ بِالْمُرَكَّبِ، وَثَالِثُهَا: أَنْ يَحْصُلَ لِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنْ جُزْأَيْهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَدْلُولٍ آخَرَ عَلَى جَمِيعِ الِاعْتِبَارَاتِ، وَهُوَ كَقَوْلِنَا: «الْعَالَمُ حَادِثٌ، وَالسَّمَاءُ كرة، وزيد منطلق» وهذا نسميه بالمؤلف.
المسموع المقيد وأقسامه:
المسألة الثالثة والعشرون [المسموع المقيد وأقسامه]: الْمَسْمُوعُ الْمُفِيدُ يَنْقَسِمُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مُؤَلَّفًا وَالْمَعْنَى مُؤَلَّفًا كَقَوْلِنَا: «الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ، وَغُلَامُ زَيْدٍ» وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَسْمُوعُ مُفْرَدًا وَالْمَعْنَى مُفْرَدًا، وَهُوَ كَقَوْلِنَا:
«الْوَحْدَةُ» وَ«النُّقْطَةُ» بَلْ قَوْلُنَا: «اللَّهُ» ﷾، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مُفْرَدًا وَالْمَعْنَى مؤلفا وهو كقولك:
1 / 35