123

Mafatih al-Ghayb

مفاتيح الغيب

Daabacaha

دار إحياء التراث العربي

Lambarka Daabacaadda

الثالثة

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٠ هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Fasiraadda
وَتَوَجُّهٌ إِلَى عَالَمِ الْقُدْسِ، وَحَصَلَ بِهَذَا السَّبَبِ لِنُفُوسِهِمْ مَزِيدُ قُوَّةٍ وَقُدْرَةٍ عَلَى التَّأْثِيرِ، فَهَذَا مَا عِنْدِي فِي قِرَاءَةِ هَذِهِ الرُّقَى الْمَجْهُولَةِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: أَنَّ بَيْنَ الْخَلْقِ وَبَيْنَ أَسْمَاءِ الله تعالى مناسبات عجيبة، والعامل لَا بُدَّ وَأَنْ يَعْتَبِرَ تِلْكَ الْمُنَاسَبَاتِ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِالذِّكْرِ، وَالْكَلَامُ فِي شَرْحِ هَذَا الْبَابِ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَدِّمَةٍ عَقْلِيَّةٍ وَهِيَ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَنَا أَنَّ النُّفُوسَ النَّاطِقَةَ الْبَشَرِيَّةَ مُخْتَلِفَةٌ بِالْجَوْهَرِ وَالْمَاهِيَّةِ، فَبَعْضُهَا إِلَهِيَّةٌ مُشْرِقَةٌ حُرَّةٌ كَرِيمَةٌ، وَبَعْضُهَا سُفْلِيَّةٌ ظُلْمَانِيَّةٌ نَذْلَةٌ خَسِيسَةٌ، وَبَعْضُهَا رَحِيمَةٌ عَظِيمَةُ الرَّحْمَةِ، وَبَعْضُهَا قَاسِيَةٌ قَاهِرَةٌ، وَبَعْضُهَا قَلِيلَةُ الْحُبِّ لِهَذِهِ الْجُسْمَانِيَّاتِ قَلِيلَةُ الْمَيْلِ إِلَيْهَا، وَبَعْضُهَا مُحِبَّةٌ لِلرِّيَاسَةِ وَالِاسْتِعْلَاءِ، وَمَنِ اعْتَبَرَ أَحْوَالَ الْخَلْقِ عَلِمَ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ ثُمَّ إِنَّا نَرَى هَذِهِ الْأَحْوَالَ لَازِمَةٌ لِجَوَاهِرِ النُّفُوسِ، وَأَنَّ كُلَّ مَنْ رَاعَى أَحْوَالَ نَفْسِهِ عَلِمَ أَنَّ لَهُ مَنْهَجًا مُعَيَّنًا وَطَرِيقًا مُبَيَّنًا فِي الْإِرَادَةِ وَالْكَرَاهَةِ/ وَالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ، وَأَنَّ الرِّيَاضَةَ وَالْمُجَاهَدَةَ لَا تَقْلِبُ النُّفُوسَ عَنْ أَحْوَالِهَا الْأَصْلِيَّةِ وَمَنَاهِجِهَا الطَّبِيعِيَّةِ، وَإِنَّمَا تَأْثِيرُ الرِّيَاضَةِ فِي أَنْ تَضْعُفَ تِلْكَ الْأَخْلَاقُ وَلَا تَسْتَوْلِيَ عَلَى الْإِنْسَانِ، فَأَمَّا أَنْ يَنْقَلِبَ مِنْ صِفَةٍ أُخْرَى فَذَلِكَ مُحَالٌ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ ﵊: «النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ» وَبِقَوْلِهِ ﵊: «الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ» إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: الْجِنْسِيَّةُ عِلَّةُ الضَّمِّ، فَكُلُّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى دَالٌّ عَلَى مَعْنًى مُعَيَّنٍ، فَكُلُّ نَفْسٍ غَلَبَ عَلَيْهَا ذَلِكَ الْمَعْنَى كَانَتْ تِلْكَ النَّفْسُ شَدِيدَةَ الْمُنَاسَبَةِ لِذَلِكَ الِاسْمِ، فَإِذَا وَاظَبَ عَلَى ذِكْرِ ذَلِكَ الِاسْمِ انْتَفَعَ بِهِ سَرِيعًا، وَسَمِعْتُ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا النَّجِيبِ الْبَغْدَادِيَّ السُّهْرَوَرْدِيَّ كَانَ يَأْمُرُ الْمُرِيدَ بِالْأَرْبَعِينَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ، ثُمَّ كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْهِ الْأَسْمَاءَ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ وَكَانَ يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِهِ فَإِنْ رَآهُ عَدِيمَ التَّأَثُّرِ عِنْدَ قِرَاءَتِهَا عَلَيْهِ قَالَ لَهُ اخْرُجْ إِلَى السُّوقِ وَاشْتَغِلْ بِمُهِمَّاتِ الدُّنْيَا فَإِنَّكَ مَا خُلِقْتَ لِهَذَا الطَّرِيقِ، وَإِنْ رَآهُ مُتَأَثِّرًا عِنْدَ سَمَاعِ اسْمٍ خَاصٍّ مَزِيدَ التَّأَثُّرِ أَمَرَهُ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَى ذَلِكَ الذِّكْرِ، وَأَقُولُ: هَذَا هُوَ الْمَعْقُولُ، فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَتِ النُّفُوسُ مُخْتَلِفَةً كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مُنَاسِبًا لِحَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ، فَإِذَا اشْتَغَلَتْ تِلْكَ النَّفْسُ بِتِلْكَ الْحَالَةِ الَّتِي تُنَاسِبُهَا كَانَ خُرُوجُهَا مِنَ الْقُوَّةِ إِلَى الْفِعْلِ سَهْلًا هَيِّنًا يَسِيرًا، وَلْيَكُنْ هَذَا آخِرُ كَلَامِنَا فِي الْبَحْثِ عَنْ مُطْلَقِ الْأَسْمَاءِ، وَاللَّهُ الْهَادِي. الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْمَبَاحِثِ الْمُتَعَلِّقَةِ بقولنا: «الله» وفيه مسائل لفظ الجلالة علم لا مشتق: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ اسْمُ عَلَمٍ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمُشْتَقٍّ الْبَتَّةَ، وَهُوَ قَوْلُ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ، وَقَوْلُ أَكْثَرِ الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ، وَحُجَجٌ: الْحُجَّةُ الْأُولَى: أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَفْظًا مُشْتَقًّا لَكَانَ مَعْنَاهُ مَعْنًى كُلِّيًّا لَا يَمْنَعُ نَفْسَ مَفْهُومِهِ مِنْ وُقُوعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْمُشْتَقَّ لَا يُفِيدُ إِلَّا أَنَّهُ شَيْءٌ مَا مُبْهَمٌ حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ الْمُشْتَقُّ مِنْهُ وَهَذَا الْمَفْهُومُ لَا يَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ بَيْنَ كَثِيرِينَ، فَثَبَتَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَوْ كَانَ مُشْتَقًّا لَمْ يَمْنَعْ وُقُوعَ الشَّرِكَةِ فِيهِ بَيْنَ كَثِيرِينَ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا كَانَ قَوْلُنَا: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» تَوْحِيدًا حَقًّا مَانِعًا مِنْ وُقُوعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ بَيْنَ كَثِيرِينَ، لِأَنَّ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ لَفْظًا مُشْتَقًّا

1 / 143