بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم نحمدك يَا من هُوَ مَحْمُود بِكُل لِسَان حمد من اتّصف بِالْإِيمَان بقوله وَعَمله والجنان وننزهك يَا من لَيْسَ كمثله شَيْء فَلَا يشْغلهُ شَأْن عَن شَأْن وَلَا يَخْلُو من علمه مَكَان عَن كل مَا يصفك بِهِ أولو الزيغ والطغيان والافتراء والبهتان نصفك بِمَا وصفت بِهِ نَفسك فِي كتابك الْمنزل وَبِمَا بلغنَا عَن نبيك الْمُصْطَفى الْمُرْسل من غير تَشْبِيه وَلَا تَمْثِيل وَلَا تَأْوِيل وَلَا تَعْطِيل وَنكل علم حَقِيقَة ذَلِك إِلَيْك يَا وَاجِب الْوُجُود وَيَا مفيض الْكَرم على عِبَادك والجود سُبْحَانَكَ لَا تمثلك الْعُقُول بالتفكير وَلَا تتوهمك الْقُلُوب بالتصوير فالخلق عاجزون عَن كنه الْحَقِيقَة وَلَو خبروا الْعلم بأجمعه ودقيقه ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَحدك لَا شريك لَك شَهَادَة مقرّ بالعبودية لَا يَجْعَل بَيْنك وَبَينه أندادا وَلَا ينقاد إِلَّا إِلَى شرعك الَّذِي أوحيته إِلَى نبيك انقيادا ويجتهد فِيمَا يرضيك من الِاعْتِقَاد وَالْعَمَل اجْتِهَادًا عله أَن يبلغ من رضاك ورحمتك مرَادا وَأَن ترزقه فِي دُنْيَاهُ وأخراه إسعادا ونشهد أَن مُحَمَّدًا عَبدك وَرَسُولك خير خلقك ومهبط

1 / 41

وحيك والمبلغ لشرعك والأمين على مَا أنزلت عَلَيْهِ من كتابك وَدينك ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ﴾ آل عمرَان ١٩ صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه عُمُوما البررة الْكِرَام السَّادة الْأَعْلَام مَا سرت فِي ميادين الطروس وعَلى جباهها الأقلام وَمَا غردت حمائم الأيك على الصون وأطرب العيس حادي العيس بألطف الْأَلْفَاظ وأعذب اللحون واستنبط من الْكتاب الْعَزِيز وَمَا صَحَّ عَن الْمُصْطَفى الْمُخْتَار أدق الْمعَانِي المستنبطون وَسلم تَسْلِيمًا أما بعد فَيَقُول الْفَقِير لعفو ربه المنان عبد الْقَادِر بن أَحْمد بن مصطفى بن عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد الْمَشْهُور كأسلافه بِابْن بدران أنني لما من الله عَليّ بِطَلَب الْعلم هجرت لَهُ الوطن والوسن وَكنت أبكر فِيهِ بكور الْغُرَاب وأطوف الْمعَاهد لتحصيله وأذهب فِيهِ كل مَذْهَب وأتبع فِيهِ كل شعب وَلَو كَانَ عسرا أشرف على كل يفاع كل غور فَتَارَة أطوح بنفسي فِيمَا سلكه ابْن سينا فِي الشفار والإشارات وَتارَة أتلقف مَا سبكه أَبُو نصر الفارابي من صناعَة الْمنطق وَتلك الْعبارَات وَتارَة أجول فِي مَوَاقِف الْمَقَاصِد والمواقف وَأَحْيَانا أطلب الْهِدَايَة ظنا مني أَنَّهَا تهدي إِلَى رشد فأضم إِلَيْهَا مَا سلكه ابْن رشد ثمَّ أردد فِي الطبيعي والإلهي نظرا وَفِي تشريح الأفلاك أتطلب خَبرا أَو خَبرا ثمَّ أجول فِي ميادين الْعُلُوم مُدَّة كعدد السَّبع الْبَقَرَات الْعِجَاف فأرتد إِلَيّ الطّرف خاسئا وَهُوَ حسير وَلم أحصل من معرفَة الله ﷻ إِلَّا على أَوْهَام وخطرات وساوس وأشكال تنشأ من الْبَحْث والتدقيق فأدفعه بِمَا أقنع نَفسِي بنفسي فَلَمَّا هَمت فِي تِلْكَ الْبَيْدَاء الَّتِي هِيَ على حد قَول أبي الطّيب يَتلون الخريت من خوف التوى فِيهَا كَمَا تلون الحرباء

1 / 42

ناداني مُنَادِي الْهدى الْحَقِيقِيّ هَلُمَّ إِلَى الشّرف والكمال ودع نجاة ابْن سينا الموهومة إِلَى النجَاة الْحَقِيقِيَّة وَمَا ذَلِك إِلَّا بِأَن تكون على مَا كَانَ عَلَيْهِ السّلف الْكِرَام من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان فَإِن الْأَمر لَيْسَ على مَا تتوهم وَحَقِيقَة الرب لَا يُمكن أَن يُدْرِكهَا المربوب وَمَا السَّلامَة إِلَّا بِالتَّسْلِيمِ وَكتاب الله حق وَلَيْسَ بعد الْحق إِلَّا الضلال فهنالك هدأ روعي وَجعلت عقيدتي كتاب الله أكل علم صِفَاته إِلَيْهِ بِلَا تجسيم وَلَا تَأْوِيل وَلَا تَشْبِيه وَلَا تَعْطِيل وانجلى مَا كَانَ على قلبِي من رأن أورثته قَوَاعِد أرسطوطاليس وَقلت مَا كَانَ إِلَّا من النّظر فِي تِلْكَ الوساوس والبدع والدسائس فَمن أَيْن لعباد الْكَوَاكِب أَن يرشدونا إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقيم وَمَا كَانُوا مهتدين وَمن أَيْن لأَصْحَاب المقالات أَن يعلمُوا حَقِيقَة قيوم الأَرْض وَالسَّمَوَات وَلَو كَانَت حَقِيقَة صِفَات الله تَعَالَى تدْرك بالعقول لوصل أَصْحَاب رسائل إخْوَان الصفاء إِلَى الصَّفَا ولاتصل صَاحب النَّجَاء والشفاء إِلَى النجَاة وغليل لبه وشفا وَلَكِن ﴿وَلَا يحيطون بِشَيْء من علمه إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾ ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا﴾ وَأَيْنَ هم من قَوْله ﷺ عَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين من بعدِي عضوا عَلَيْهَا بالنواجذ وَإِيَّاكُم ومحدثات الْأُمُور فَإِن كل محدثة بِدعَة وكل بِدعَة ضَلَالَة لَكِن من اتبع هَوَاهُ هام فِي كل وَاد وَلم يبال بِأَيّ شعب سلك وَلَا بِأَيّ طَرِيق هلك

1 / 43

فَمن ثمَّ جعلت شغلي كتاب الله تدريسا وتفسيرا أَو بِسنة نبيه الْمُخْتَار قِرَاءَة أَيْضا وشرحا وتحريرا فَللَّه الْحَمد على هَذِه الْمِنَّة وأسأله الثَّبَات على ذَلِك وازدياد النِّعْمَة ثمَّ إِنِّي زججت نَفسِي فِي بحار الْأُصُول وَالْفُرُوع والبحث عَن الْأَدِلَّة حَتَّى لَا أكون منقادا لكل قَائِد وَلَا مُقَلدًا تقليدا أعمى لمن يَقُودهُ فَإِن هَذِه حَالَة لَا يرضى بهَا الصّبيان فضلا عَمَّن أُوتِيَ شَيْئا من الْعقل ثمَّ سبرت الْمذَاهب المتبوعة الْآن وَكَثِيرًا من غير المتبوعة فَوجدت كلا مِنْهُم قدس الله أسرارهم وَجعل فِي عليين مَنَازِلهمْ قد اجْتهد فِي طلب الْحق وَلم يأل جهدا فِي طلبه وَلَا قصر فِي اجْتِهَاده بل قَامَ بِمَا عهد إِلَيْهِ حق الْقيام ونصح الْأمة واجتنب كل مَا يشين غير أَن الإِمَام أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل ﵁ كَانَ أوسعهم معرفَة بِحَدِيث رَسُول الله ﷺ كَمَا يعلم من اطلع على مُسْنده الْمَشْهُور وَأَكْثَرهم تتبعا لمذاهب الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَلذَلِك كَانَ مذْهبه مؤيدا بالأدلة السمعية حَتَّى كَأَنَّهُ ظهر فِي الْقرن الأول لشدَّة اتِّبَاعه لِلْقُرْآنِ وَالسّنة إِلَّا أَنه كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى لشدَّة ورعه ينْهَى عَن كِتَابَة كَلَامه ليبقي بَاب الِاجْتِهَاد لمن هُوَ أهل لَهُ مَفْتُوحًا وليعلم الْقَوْم أَن فضل الله لَا يَنْقَطِع وَأَن خزائنه لم تنفذ على عكس مَا يَدعِيهِ القاصرون وينتحله المبطلون ولحسن نِيَّته قيض الله من دون فَتَاوَاهُ وَجَمعهَا ورتبها حَتَّى صَار لَهُ مَذْهَب مُسْتَقل مَعْدُود بَين

1 / 44

الْأَئِمَّة الَّذين دونوا وألفوا ثمَّ هيأ الله لَهُ أتباعا وأصحابا سلكوا فِي رواياته مَسْلَك الِاجْتِهَاد كَمَا تعلمه مِمَّا سَيَأْتِي وألفوا فِي ذَلِك المطولات والمتوسطات والمختصرات فجزاهم الله خيرا غير أَنهم تركُوا اصْطِلَاحَات مُتَفَرِّقَة فِي غُضُون الْكتب لَا يعلمهَا إِلَّا المتقنون وسلكوا مسالك لَا يُدْرِكهَا إِلَّا المحصلون وَأصَاب هَذَا الْمَذْهَب مَا أصَاب غَيره من تشَتت كتبه حَتَّى آلت إِلَى الاندراس وأكب النَّاس على الدُّنْيَا فنظروا إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ منهل سنة وَفقه صَحِيح لَا مورد مَال فهجره كثير مِمَّن كَانَ مُتبعا لَهُ رَجَاء طلب قَضَاء أَو وَظِيفَة فَمن ثمَّ تقلص ظله من بِلَادنَا السورية وخصوصا فِي دمشق إِلَّا قَلِيلا وأشرق نوره فِي الْبِلَاد النجدية من جَزِيرَة الْعَرَب وهب قوم كرام مِنْهُم لطبع كتبه وأنفقوا الْأَمْوَال الطائلة لإحياء هَذَا الْمَذْهَب لَا يطْلبُونَ بذلك إِلَّا وَجه الله تَعَالَى وَلَا يقصدون إِلَّا إحْيَاء مَذْهَب السّلف وَمَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَة والتابعون فجزاهم الله خيرا وَأحسن إِلَيْهِم على أَن قوما من أولي التَّقْلِيد الْأَعْمَى أسراء الْوَهم والخيالات الْفَاسِدَة وَالْجهل الْمركب يطعنون فِي أُولَئِكَ وينفرون النَّاس مِنْهُم وَمَا ذَلِك إِلَّا أَن الله أَرَادَ بأولئك الْقَوْم خيرا فاظهر لَهُم أَعدَاء لينشروا فَضلهمْ من حَيْثُ لَا يعلمُونَ ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ الشُّعَرَاء ٢٢٧ وَمَا هَؤُلَاءِ إِلَّا على حد مَا حَكَاهُ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن عَسَاكِر الدِّمَشْقِي فِي أَوَائِل تَارِيخه عَن أبي يحيى السكرِي قَالَ دخلت مَسْجِد دمشق فَرَأَيْت بِهِ حلقا فَقلت هَذَا بلد دخله جمَاعَة من الصَّحَابَة فملت إِلَى حَلقَة فِي صدرها شيخ جَالس فَجَلَست إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رجل أَمَامه من عَليّ بن أبي طَالب فَقَالَ خفاق يَعْنِي ضَعِيفا كَانَ بالعراق اجْتمعت عَلَيْهِ جمَاعَة فقصد أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن يحاربه فنصره الله عَلَيْهِ قَالَ فاستعظمت ذَلِك وَقمت فَرَأَيْت فِي جَانب

1 / 45

Usul - Qalabka Cilmi-baarista ee Qoraalada Islaamka

Usul.ai waxa uu u adeegaa in ka badan 8,000 qoraal oo Islaami ah oo ka socda corpus-ka OpenITI. Hadafkayagu waa inaan fududeyno akhrinta, raadinta, iyo cilmi-baarista qoraalada dhaqameed. Ku qor hoos si aad u hesho warbixinno bille ah oo ku saabsan shaqadayada.

© 2024 Hay'adda Usul.ai. Dhammaan xuquuqaha waa la ilaaliyay.