Madkhal Fiqhi
المدخل الفقهي العام
Daabacaha
دار القلم
Noocyada
وهكذا كان تقيد القاضي بمذهب يرتضيه الخليفة سببا في اكتفاء أكثر الناس به وإقبالهم عليه.
- تدوين المذاهب: فإن تدوينها قد سهل على الناس تناولها، والناس دائما يطلبون السهل اليسير دون الصعب العسير.
وقد كان يدفع الناس إلى الاجتهاد في العصور السابقة ضرورة ملجئة الى تعرف أحكام حوادث وشؤون جديدة لا يعرفون حكمها الشرعي.
فلما جاء المجتهدون في الأدوار السابقة، ودونوا أحكام الحوادث التي عرضت والتي يحتمل عروضها، صار الناس كلما عرضت لهم مسألة وجدوا السابقين قد تعرضوا لها، فاكتفوا بمقالهم في شأنها، فسدت حاجتهم بما وجدوا، فلا حافز يحفزهم إلى بحث جديد.
وساعد على ذلك ما للأقدمين من موقع علمي كبير جدير بالتقدير ، وما يكسبهم تفوقهم على مضي الزمن من إجلال، وما يكون من عناية الأمم بتكريم سلفها الصالح ليرتبط حاضرها بماضيها برباط متين.
لهذا كله انصرف الناس إلى التقليد، اللهم إلا في تعرف علل الأحكام المذهبية، أو ترجيح بعض الآراء في المذهب نفسه على غيرها.
ويسمى من أوتي القدرة العلمية على ذلك : "مجتهدا في المذهب" أي أنه ليس مجتهدأ مطلقا ذا مذهب مستقل، بل هو من أتباع إمام مجتهد ولكنه ذو رأي معتبر في ضمن مذهب إمامه، وفي البناء على أصوله.
ومما هو جدير بالاعتبار أن أكثر الأئمة قد روي عنهم أنهم كانوا ينهون عن تقليدهم من غير اقتناع بأدلتهم(1).
(1) ار: "إعلام الموقعين" لابن القيم 301/2- 302) . والمقصود بهذا النهي عن التقليد من كان أهلا للنظر في الأدلة الشرعية والترجيح بينها. أما من ليس كذلك، وهم أكثر الناس وعامتهم، فلا بد لهم من تقليد إمام معتبر.
Bogga 204