Madkhal Fiqhi
المدخل الفقهي العام
Daabacaha
دار القلم
Noocyada
تأليفهم لاتقاء شرهم عندما كان الإسلام ضعيفا . فلما قويت شوكة الإسلام زال الداعي إلى إعطائهم. والقرآن لا يوجب إعطاء أشخاص بأعيانهم وأم مائهم من هذا السهم(1).
(1) ليس معنى ذلك أن عمر رضي الله عنه قد أبطل أو عطل نصا قرآنيا آمرا، ولكنه رأى ان أولئك الأشخاص الذين كانوا يعدون من المؤلفة قلوبهم ويعطيهم النبي هذا السهم من بيت المال لاحتياج دعوة الإسلام إلى ترغيبهم وتأييدهم وتأليف قلوبهم لم يبق للاسلام حاجة في شراء تأييدهم بالمال بعد أن استتب له الأمر، وأصبحوا هم في حاجة إلى الاعتزاز به.
فهو إنما حبس العطاء عن هؤلاء الأشخاص بأعيانهم؛ أما سهم التأليف والترغيب فحكمه في القرآن باق لم يتوقف.
فإذا تجددت للأمة حاجة في زمان أو مكان آخر إلى تأليف القلوب، أو تأليب القوى لدفع عدو، أو ترغيب من لا ترغبه الفضائل السامية كما يرغبه المال، فإنه يعطى من هذا السهم المرصود لهذه الحاجة، كشأن النفقات التي تخصصها الدول اليوم في ميزانياتها لأجل الدهاية السياسية . فإذا انقضت حاجة الدعاية في مكان أو في فئة لا يسوغ عندئذ صرف المال إلى من لا تحتاج الدعاية إليه، بل يوفر المال على خزينة الدولة ريثما تتجدد الحاجة. وقد يتغير وجه الحاجة بين عصر وعصر، فيستغنى عن إعطاء أشخاص كانوا يعطون لوجاهتهم ونفوذهم كما كان في الماضي، ويحتاج إلى إعطاء أرباب الصحف، أو انشاء مجلات دعاية، أو محطة إذاعة لاسلكية، كما في عصرنا اليوم.
قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه "الأموال" بمناسبة ما اشترطه النبي عليه اصلاة والسلام لبني ثقيف أهل الطائف عند دخولهم في الإسلام ما نصه : "وفيه أنه شرط لهم شروطا عند إسلامهم خاصة لهم دون الناس، مثل تحريمه واديهم، وأن لا يدخله أحد يغلبهم عليه، وأن لا يؤمر عليهم إلا بعضهم وهذا مما قلت لك: إن الإمام ناظر للاسلام وأهله، فإذا خاف من عدو غلبة لا يقدر على دفعهم إلا بعطية يردهم بها فعل، كالذي صنع النبي بالأحزاب يوم الخندق .
وكذلك لو أبوا أن يسلموا إلا على شيء يجعله لهم، وكان في إسلامهم عز للاسلام ولم يأمن معرتهم وبأسهم أعطاهم ذلك ليتألفهم به ، كما فعل رسول الله بالمؤلفة قلوبهم إلى أن يرغبوا في الإسلام، وتحسن فيه نيلهم .
وانما يجوز من هذا ما لم يكن فيه نقض للكتاب ولا للسنة.
يبين ذلك أن رسول الله لم يجعل لهم فيما أعطاهم تحليل الربا، ألا تراه قدا شرط عليهم أن لهم رؤوس أموالهم؟". (الأموال، 193/1 - 194 الطبعة الأولى بمطبعة الحجازي بالقاهرة).
Bogga 175